غرائب القرآن ورغائب الفرقان للحسن بن محمد النيسابوري - النيسابوري- الحسن بن محمد  
{وَلَوۡ أَنَّآ أَهۡلَكۡنَٰهُم بِعَذَابٖ مِّن قَبۡلِهِۦ لَقَالُواْ رَبَّنَا لَوۡلَآ أَرۡسَلۡتَ إِلَيۡنَا رَسُولٗا فَنَتَّبِعَ ءَايَٰتِكَ مِن قَبۡلِ أَن نَّذِلَّ وَنَخۡزَىٰ} (134)

ثم بين الحكمة في نزول القرآن فقال : { ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله } أي من قبل البرهان المذكور الدال عليه البينة { لقالوا } أي في القيامة لأن الهالك لا قول له في الدنيا . وعن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " يحتج على الله تعالى يوم القيامة ثلاثة : الهالك في الفترة يقول لم يأتني رسول وإلا كنت أطوع خلقك " وتلا قوله : " { لولا أرسلت إلينا رسولاً } والمغلوب على عقله يقول لم تجعل لي عقلاً أنتفع به . ويقول الصبي : كنت صغيراً أعقل . فيرفع لهم نار ويقال لهم ادخلوها فيدخلها من كان في عالم الله أنه سعيد ويتلكأ من كان في علمه أنه شقى . فيقول الله تعالى : عسيتم اليوم فكيف برسولي لو أتاكم ؟ ! " وطعن المعتزلة في هذا الخبر قالوا : لا يحسن العقاب على ما لم يفعل . وقال الجبائي : في الآية دلالة على وجوب فعل اللطف والمراد أنه يجيب أن يفعل بالمكلفين ما يؤمنون عنده وإلا كان لهم أن يقولوا : هلا فعلت ذلك بنا لنؤمن . وقال الكعبي : فيها أوضح دليل على أنه تعال يقبل الاحتجاج من عباده . وليس معنى قوله : { لا يسأل عما يفعل } [ الأنبياء : 23 ] أن الجور منه يكون عدلاً بل تأويله أنه لا يقع منه إلا العدل . وإذا ثبت أنه تعالى يقبل الحجة فلو لم يكونوا قادرين على ما أمروا به لكان لهم فيه أعظم حجة . واستدل أهل السنة بها على أن الوجوب لا يتحقق إلا بالشرع وإلا لكان العقاب حاصلاً قبل مجيئه .

/خ115