الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{أَلَمۡ يَأۡتِهِمۡ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَقَوۡمِ إِبۡرَٰهِيمَ وَأَصۡحَٰبِ مَدۡيَنَ وَٱلۡمُؤۡتَفِكَٰتِۚ أَتَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (70)

قوله تعالى : " ألم يأتهم نبأ " أي خبر " الذين من قبلهم " الألف لمعنى التقرير والتحذير ، أي ألم يسمعوا إهلاكنا الكفار من قبل . " قوم نوح وعاد وثمود " بدل من الذين . " وقوم إبراهيم " أي نمرود بن كنعان وقومه . " وأصحاب مدين " مدين{[8148]} اسم للبلد الذي كان فيه شعيب ، أهلكوا بعذاب يوم الظلة . " والمؤتفكات " قيل : يراد به قوم لوط ؛ لأن أرضهم ائتفكت بهم ، أي انقلبت ، قاله قتادة . وقيل : المؤتفكات كل من أهلك ، كما يقال : انقلبت عليهم الدنيا . " أتتهم رسلهم بالبينات " يعني جميع الأنبياء . وقيل : أتت أصحاب المؤتفكات رسلهم ، فعلى هذا رسولهم لوط وحده ، ولكنه بعث في كل قرية رسولا ، وكانت ثلاث قريات ، وقيل أربع . وقوله تعالى في موضع آخر : " والمؤتفكة{[8149]} " [ النجم : 53 ] على طريق الجنس . وقيل : أراد بالرسل الواحد ، كقوله " يا أيها الرسل كلوا من الطيبات{[8150]} " [ المؤمنون : 51 ] ولم يكن في عصره غيره .

قلت : وهذا فيه نظر ، للحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم : ( إن الله خاطب المؤمنين بما أمر به المرسلين ) الحديث . وقد تقدم في " البقرة{[8151]} " . والمراد جميع الرسل ، والله أعلم .

قوله تعالى{[8152]} : " فما كان الله ليظلمهم " أي ليهلكهم حتى يبعث إليهم الأنبياء . " ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " ولكن ظلموا أنفسهم بعد قيام الحجة عليهم .


[8148]:من ج و ك و هـ.
[8149]:راجع ج 17 ص 118 فما بعد في آية 53 سورة النجم.
[8150]:راجع ج 12 ص 127 آية 51 سورة المؤمنون.
[8151]:راجع ج 2 ص 215 و ج 12 ص 127.
[8152]:من ب و ج و ك و هـ.