تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَلَمۡ يَأۡتِهِمۡ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَقَوۡمِ إِبۡرَٰهِيمَ وَأَصۡحَٰبِ مَدۡيَنَ وَٱلۡمُؤۡتَفِكَٰتِۚ أَتَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (70)

وقوله تعالى : ( أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ ) إلى آخره . يحتمل هذا وجهين :

أحدهما : قوله : ( أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ) أي قد أتاهم خبر ( الذين من قبلهم ) وما حل بهم وما انتقم الله منهم لتكذيبهم الرسل وسعيهم في قتلهم وإهلاكم وهم من جنس أنفسكم وأشد قوة وبطشا منكم وأنتم تقلدونهم في ذلك . ثم حل بهم ما حل بتكذيبهم والخلاف لهم . فأنتم دونهم في كل شيء ، وأقل منهم في القوة والبطش أولى بذلك أن يصيبكم .

والثاني[ في الأصل وم : و ] : يحتمل قوله : ( أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) أي ( أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ) وما حل بهم كقوله : ( ألم تر إلى )[ البقرة : 243 ] و . . . ] كذا ، أي سترى . فعلى ذلك هذا يحتمل . وهو حرف وعيد : يحذرهم ما حل بأولئك ليمتنعوا عن مثل صنيعهم .

وقوله /218-أ/ تعالى : ( وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالبَيِّنَاتِ ) قال أهل التأويل في قريات لوط مؤتفكات أي منقلبات .

قال القتبي : إئتفكت : انقلبت ، وقال أبو عوسجة : ( والمؤتفكات ) هي من الإفك ، وهو الصرف [ كقوله تعالى ][ ساقطة من الأصل وم ] : ( أنى يؤفكون )[ المائدة : 75 ] و . . . ] أي يصرفون . وقال بعضهم ( والمؤتفكات ) المكذبات ( أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالبَيِّنَاتِ ) فكذبوهم ، فأهلكوا ، وهو من الانقلاب كأنه أشبه .

وقوله تعالى : ( فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ ) بتعذيبهم إياهم ، وهم غير مستوجبين لذلك العذاب ( وَلَكِنْ كَانُوا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ) حين[ في الأصل وم : حيث ] كذبوا رسله ، وردوا ما [ جاؤوهم به ][ في الأصل وم : جاؤوا بهم ] من البينات والبراهين .