تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير  
{أَلَمۡ يَأۡتِهِمۡ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ قَوۡمِ نُوحٖ وَعَادٖ وَثَمُودَ وَقَوۡمِ إِبۡرَٰهِيمَ وَأَصۡحَٰبِ مَدۡيَنَ وَٱلۡمُؤۡتَفِكَٰتِۚ أَتَتۡهُمۡ رُسُلُهُم بِٱلۡبَيِّنَٰتِۖ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظۡلِمَهُمۡ وَلَٰكِن كَانُوٓاْ أَنفُسَهُمۡ يَظۡلِمُونَ} (70)

يقول تعالى واعظا لهؤلاء المنافقين المكذبين للرسل : { أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ } أي : ألم تخبروا خبر من كان قبلكم من الأمم المكذبة للرسل { قَوْمِ نُوحٍ } وما أصابهم من الغرق العام لجميع أهل الأرض ، إلا من آمن بعبده ورسوله نوح ، عليه السلام ، { وَعَادٍ } كيف أهلكوا بالريح العقيم ، لما كذبوا هودا ، عليه السلام ، { وَثَمُودَ } كيف أخذتهم الصيحة لما كذبوا صالحا ، عليه السلام ، وعقروا الناقة ، { وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ } كيف نصره الله عليهم وأيده بالمعجزات الظاهرة عليهم ، وأهلك ملكهم النمروذ بن كنعان بن كوش الكنعاني لعنه الله ، { وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ } وهم قوم شعيب ، عليه السلام ، وكيف أصابتهم{[13617]} الرجفة والصيحة وعذاب يوم{[13618]} الظلة ، { وَالْمُؤْتَفِكَاتِ } قوم لوط ، وقد كانوا يسكنون في مدائن ، وقال في الآية الأخرى : { وَالْمُؤْتَفِكَةَ أَهْوَى } [ النجم : 53 ، ] أي : الأمة المؤتفكة ، وقيل : أم قراهم ، وهي " سدوم " . والغرض : أن الله تعالى أهلكهم عن آخرهم بتكذيبهم نبي الله لوطا ، عليه السلام ، وإتيانهم الفاحشة التي لم يسبقهم بها أحد من العالمين .

{ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ } أي : بالحجج والدلائل القاطعات ، { فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ } أي : بإهلاكه إياهم ؛ لأنه أقام عليهم الحجة بإرسال الرسل وإزاحة العلل { وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ } أي : بتكذيبهم الرسل ومخالفتهم الحق ، فصاروا إلى ما صاروا إليه من العذاب والدمار .


[13617]:- في ت ، أ : "أصابهم".
[13618]:- في ت ، أ : "تلك".