الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{رَسُولٞ مِّنَ ٱللَّهِ يَتۡلُواْ صُحُفٗا مُّطَهَّرَةٗ} (2)

قوله تعالى : { رسول من الله } أي بعيث من اللّه جل ثناؤه . قال الزجاج : { رسول } رفع على البدل من " البينة " . وقال الفراء : أي هي رسول من اللّه ، أو هو رسول من اللّه ؛ لأن البينة قد تذكر فيقال : بينتي فلان . وفي حرف أبيّ وابن مسعود { رسولا } بالنصب على القطع . { يتلو } أي يقرأ . يقال : تلا يتلو تلاوة . { صحفا } جمع صحيفة ، وهي ظرف المكتوب . { مطهرة } قال ابن عباس : من الزور ، والشك ، والنفاق ، والضلالة . وقال قتادة : من الباطل . وقيل : من الكذب ، والشبهات . والكفر ؛ والمعنى واحد . أي يقرأ ما تتضمن الصحف من المكتوب ؛ ويدل عليه أنه كان يتلو عن ظهر قلبه ، لا عن كتاب ؛ لأنه كان أميا ، لا يكتب ولا يقرأ . و{ مطهرة } : من نعت الصحف ، وهو كقوله تعالى : { في صحف مكرمة . مرفوعة مطهرة }{[16256]} [ عبس : 13 ] ، فالمطهرة نعت للصحف في الظاهر ، وهي نعت لما في الصحف من القرآن . وقيل : { مطهرة } أي ينبغي ألا يمسها إلا المطهرون ، كما قال في سورة " الواقعة " حسب ما تقدم بيانه{[16257]} . وقيل : الصحف المطهرة : هي التي عند اللّه في أم الكتاب ، الذي منه نسخ ما أنزل على الأنبياء من الكتب ، كما قال تعالى : { بل هو قرآن مجيد . في لوح محفوظ }{[16258]} [ البروج :22 ] . قال الحسن : يعني الصحف المطهرة في السماء .


[16256]:آية 13 سورة عبس.
[16257]:راجع جـ 17 ص 225 فما بعدها.
[16258]:آخر سورة البروج.