قوله تعالى : { رَسُولٌ مِّنَ الله } ، وهو رفع على البدل من «البَيِّنةُ » ، ولأن اللام في «البَيِّنةُ » للتعريف ، أي : هو الذي سبق ذكره في التوراة والإنجيل على لسان موسى وعيسى ، وقد يكون التعريف للتفخيم ؛ إذ هو البينة التي لا مزيد عليها ، والبينة كل البينة ، وكذا التنكير ، وقد جمعهما الله - تعالى- ها هنا - في حق الرسول ، أي : هو رسول ، وأي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ونظيره : قوله تعالى حين أثنى على نفسه ، فقال سبحانه وتعالى : { ذُو العرش المجيد } [ البروج : 15 ] ثم قال تعالى : { فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ } [ البروج : 16 ] فنكر بعد التعريف .
وقال أبو مسلم{[60604]} : المراد من البينة مطلق الرسل ، فقوله تعالى : { حتى تَأْتِيَهُمُ البينة } أي : تأتيهم رسل من ملائكة الله تعالى ، تتلو عليهم صحفاً مطهرة ، نظيره : { بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امرىء مِّنْهُمْ أَن يؤتى صُحُفاً مُّنَشَّرَةً } [ المدثر : 52 ] .
وقال قتادة وابن زيد : «البَيِّنةُ » هي القرآن ، كقوله تعالى : { أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ مَا فِي الصحف الأولى }{[60605]} [ طه : 133 ] .
قوله : «رسُولٌ » ، العامة : على رفعه بدلاً من «البينة » ، إما بدل اشتمال ، وإما بدل كل من كل على سبيل المبالغة ، جعل الرسول صلى الله عليه وسلم نفس البينة ، أو على حذف مضاف ، أي : بينة رسول .
وقال الفرَّاء : رفع على خبر ابتداء مضمر ، أي : هي رسول ، أو هو رسول من الله ؛ لأن البينة قد تذكَّر ، فيقال : بَيَّنتي فلان .
وقرأ عبد الله وأبيّ{[60606]} : «رسولاً » على الحال من «البينة » .
وقال القرطبي{[60607]} : «بالنصب على القطع » .
قوله : «من اللهِ » يجوز تعلُّقه بنفس «رسول » ، أو بمحذوف على أنه صفة ل «رسول » ، وجوز أبو البقاء ثالثاً ، وهو أن يكون حالاً من «صحفاً » ، والتقدير : يتلو صحفاً مطهرة منزلة من الله{[60608]} تعالى .
يعني كانت صفة في الأصل للنَّكرة ، فلما تقدمت عليها نصبت حالاً .
قوله : «يتلو » يجوز أن يكون صفة ل «رسول » ، وأن يكون حالاً من الضمير في الجار قبله ، إذا جعله صفة ل «رسول » . و «يتلو » : أي : يقرأ ، يقال : تلا يتلو تلاوة . و «صُحُفاً » جمع صحيفة ، وهي ظرف المكتوب .
«مُطهَّرة » ، قال ابن عبَّاسٍ : من الزور ، والشك ، والنفاق ، والضلالة{[60609]} ، وقال قتادة : من الباطل{[60610]} .
وقيل : من الكذب والشبهات ، والمعنى واحد [ أي : يقرأ ما تتضمن الصحف من المكتوب بدليل أنه كان يتلو على ظهر قلب لا عن كتاب ، ولأنه كان أميًّا لا يقرأ ، ولا يكتب ، ومطهرة من نعت الصحف كقوله تعالى : { فِي صُحُفٍ مُّكَرَّمَةٍ مَّرْفُوعَةٍ مُّطَهَّرَةٍ } [ عبس : 13 ، 14 ] فالمطهرة : نعت للصحف في الظاهر ، وهو نعت لما في الصحف من القرآن .
وقيل : مطهرة أي : لا يمسها إلا المطهرون كما تقدم في سورة «الواقعة » .
وقيل : الصحف المطهرة هي التي عند الله - تعالى - في أم الكتاب الذي منه نسخ ما أنزل على الأنبياء صلوات الله عليهم من الكتب لقوله تعالى : { بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَّجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَّحْفُوظٍ }{[60611]} [ البروج : 21-22 ] .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.