الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{إِذَا زُلۡزِلَتِ ٱلۡأَرۡضُ زِلۡزَالَهَا} (1)

مقدمة السورة:

مدنية في قول ابن عباس وقتادة . ومكية في قول ابن مسعود وعطاء وجابر . وهي تسع{[1]} آيات .

قال العلماء : وهذه السورة فضلها كثير ، وتحتوي على عظيم : روى الترمذي عن أنس بن مالك قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : " من قرأ ( إذا زلزلت ) ، عدلت له بنصف القرآن . ومن قرأ ( قل يا أيها الكافرون ) [ الكافرون : 1 ] عدلت له بربع القرآن ، ومن قرأ ( قل هو الله أحد ) [ الإخلاص : 1 ] عدلت له بثلث القرآن " . قال : حديث غريب ، وفي الباب عن ابن عباس . وروي عن علي رضي اللّه عنه قال : قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : " من قرأ ( إذا زلزلت ) أربع مرات ، كان كمن قرأ القرآن كله " . وروى عبد الله بن عمرو بن العاص قال : لما نزلت ( إذا زلزلت ) بكى أبو بكر ، فقال النبي صلى اللّه عليه وسلم : " لولا أنكم تخطئون وتذنبون ويغفر اللّه لكم ، لخلق أمة يخطئون ويذنبون ويغفر لهم ، إنه هو الغفور الرحيم " .

قوله تعالى : { إذا زلزلت الأرض } أي حركت من أصلها . كذا روى عكرمة عن ابن عباس ، وكان يقول : في النفخة الأولى يزلزلها ، وقاله مجاهد ؛ لقوله تعالى : { يوم ترجف الراجفة . تتبعها الرادفة }{[16270]} [ النازعات : 6 ] ثم تزلزل ثانية ، فتخرج موتاها وهي الأثقال . وذكر المصدر للتأكيد ، ثم أضيف إلى الأرض ، كقولك : لأعطينك عطيتك ، أي عطيتي لك ، وحسن ذلك لموافقة رؤوس الآي بعدها . وقراءة العامة بكسر الزاي من الزلزال ، وقرأ الجحدري وعيسى بن عمر بفتحها ، وهو مصدر أيضا ، كالوسواس والقلقال والجرجار{[16271]} . وقيل : الكسر المصدر ، والفتح الاسم .


[1]:لعله عمرو بن مرة المذكور في سند الحديث (انظر ابن ماجه ج 1 ص 139 وسنن أبي داود ج 1 ص 77 طبع مصر).
[16270]:آية سورة النازعات.
[16271]:القلقال: من قلقل الشيء إذا حركه. والجرجار: من جرجر البعير إذا ردد صوته في حنجرته.