لطائف الإشارات للقشيري - القشيري [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ مِنۢ بَعۡدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحۡمَتَهُۥۚ وَهُوَ ٱلۡوَلِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (28)

قوله جل ذكره : { وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِنْ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنْشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الْوَلِيُّ الْحَمِيدُ } .

الله - سبحانه مُحْيِي القلوب ؛ فكما أنه { وَهُوَ الَّذِي يُنَزِّلُ الْغَيْثَ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ } ، فبعدما أصابت الأرضَ جدوبةٌ ، وأبطأ نزولُ الغيثِ ، وقَنِطَ الناسُ من مجيء المطر ، وأشرفَ الوقتُ على حدِّ الفَواتِ يُنَزِّلُ اللَّهُ بفضله الغيثَ ، ويحيي الأَرضَ بعد قنوطِ أهلها . . فكذلك العبد ؛ إذا ذَبُلَ غُصْنُ وقته ، وتكَدَّرَ صَفْوُ ودِّه ، وكسفت شمسُ أُنْسِه ، وبَعُدَ عن الحضرةِ وساحاتِ القرب عَهْدُه فلربما ينظر إليه الحقُّ برحمته ؛ فينزل على سِرِّه أمطارَ الرحمة ، ويعود عودُه طريًّا ، ويُنْبِتُ في مشاهدة أُنْسِه ورداً جَنِيًّا . . وأنشدوا :

إنْ راعني منك الصدود *** فلعلَّ أيامي تعود

ولعلَّ عهدك باللَّوى *** يحيا فقد تحيا العهود

والغصن ييبس تارةً *** وتراه مُخْضرًّا يميد

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَهُوَ ٱلَّذِي يُنَزِّلُ ٱلۡغَيۡثَ مِنۢ بَعۡدِ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحۡمَتَهُۥۚ وَهُوَ ٱلۡوَلِيُّ ٱلۡحَمِيدُ} (28)

{ وَهُوَ الذي يُنَزّلُ الغيث } أي المطر الذي يغيثهم من الجدب ولذلك خص بالنافع منه فلا يقال غيث لكل مطر ، وقرأ الجمهور { يُنَزّلٍ } مخففاً .

{ مِن بَعْدِ مَا قَنَطُواْ } يئسوا منه ، وتقييد تنزيله بذلك مع تحققه بدونه أيضاً لتذكير كمال النعمة ؛ وقرأ الأعمش . وابن وثاب { قَنَطُواْ } بكسر النون { وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ } أي منافع الغيث وآثاره في كل شيء من السهل والجبل والنبات والحيوان أو رحمته الواسعة المنتظمة لما ذكر انتظاماً أولياً ، وقيل : الرحمة هنا ظهور الشمس لأنه إذا دام المطر سئم فتجىء الشمس بعده عظيمة الموقع ذكره المهدوي وليس بشيء ، ومن البعيد جداً ما قاله السدي من أن الرحمة هنا الغيث نفسه عدد النعمة نفسها بلفظين ، { *وأياً ما كان فضمير } رحمته لله عز وجل ، وجوز على الأول كونه للغيث .

{ مَا قَنَطُواْ وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُ وَهُوَ الولى } الذي يتولى عباده بالإحسان ونشر الرحمة { الحميد } المستحق للحمد على ذلك لا غيره سبحانه .