لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{قُلۡ أَرَءَيۡتَكُمۡ إِنۡ أَتَىٰكُمۡ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوۡ أَتَتۡكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَدۡعُونَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (40)

إذا مَسَّكم الضُرُّ ، ونَابَكُم أمرٌ فمِمَّنْ ترومون كَشْفَه ؟ ومَنْ الذي تؤملون لُطْفَه ؟ أمخلوقاً شرقياً أم شخصاً غربياً ؟ أم مَلَكاً سماوياً أم عبداً أرضياً ؟

ثم قال : { بَلْ إِيَّاهُ تَدْعُونَ } : أي إنكم - إنْ تذللتم بنفوسكم أو فكرتم طويلاً بقلوبكم - لن تجدوا من دونه أحداً ، ولا عن حكمه مُلْتَحَداً ، فتعودون إليه في استكشاف الضر ، واستلطاف الخير والبرِّ ، كما قيل :

ويرجعني إليك - وإن تناءتْ *** دياري عنكَ - معرفةُ الرجال

وقد تركناكَ للذي تريد *** فعسى إِنْ خَبَرْتَه أَنْ تعودا

فإذا جرَّبْتَ الكُل ، وذُقْتَ الحُلْوَ والمُرَّ ، أفضى بك الضُرُّ إلى بابه ، فإذا رجعت بنعت الانكسار ، وشواهد الذل والاضطرار ، فإنه يفعل ما يريد : إِنْ شاء أتاح اليُسْر وأزال العُسر ، وإن شاء ضاعف الضُر وعوَّض الأجر ، وإنْ شاء ترك الحال على ما ( قبل ) السؤال والابتهال .