إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{قُلۡ أَرَءَيۡتَكُمۡ إِنۡ أَتَىٰكُمۡ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوۡ أَتَتۡكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَدۡعُونَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (40)

{ قُلْ أَرَأَيْتُكُم } أمرٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يُبكِّتَهم ويُلقِمَهم الحجرَ بما لا سبيل لهم إلى النكير ، والكاف حرف جيء به لتأكيد الخطاب لا محلَّ له من الإعراب ومبنى التركيب وإن كان على الاستخبار عن الرؤية قلبية كانت أو بصَرية لكنّ المرادَ به الاستخبارُ عن مُتعلَّقِها أي أخبروني { إِنْ أتاكم عَذَابُ الله } حسبما أتى الأممَ السابقةَ من أنواع العذاب الدنيوي { أَوْ أَتَتْكُمْ الساعة } التي لا محيصَ عنها البتة { أَغَيْرَ الله تَدْعُونَ } هذا مناطُ الاستخبار ومحطّ التبكيت وقوله تعالى : { إِن كُنتُمْ صادقين } متعلق بأرأيتكم مؤكِّد للتبكيت كاشفٌ عن كذبهم ، وجوابُ الشرط محذوفٌ ثقةً بدلالة المذكور عليه أي إن كنتم صادقين في أن أصنامكم آلهةٌ كما أنها دعواكم المعروفةُ ، أو إن كنتم قوماً صادقين فأخبروني أغيرَ الله تدعون إن أتاكم عذابُ الله الخ ، فإن صدقهم بأيِّ معنى كان من موجبات إخبارِهم بدعائهم غيرَه سبحانه ، وأما جعلُ الجواب ما يدل عليه قولُه تعالى : { أَغَيْرَ الله تَدْعُونَ } أعني فادعوه على أن الضمير لغير الله فمُخِلٌّ بجزالة النظم الكريم ، كيف لا والمطلوبُ منهم إنما هو الإخبارُ بدعائهم غيرَه تعالى عند إتيانِ ما يأتي لا نفسُ دعائهم إياه .