التفسير الصحيح لبشير ياسين - بشير ياسين  
{قُلۡ أَرَءَيۡتَكُمۡ إِنۡ أَتَىٰكُمۡ عَذَابُ ٱللَّهِ أَوۡ أَتَتۡكُمُ ٱلسَّاعَةُ أَغَيۡرَ ٱللَّهِ تَدۡعُونَ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (40)

قوله تعالى : ( قل أرأيتكم إن أتاكم عذاب الله أو أتتكم الساعة أغير الله تدعون إن كنتم صادقين بل إياه تدعون )

قال الشيخ الشنقيطي : ذكر تعالى في هذه الآية الكريمة أن المشركين إذ أتاهم عذاب الله ، أو أتتهم الساعة أخلصوا الدعاء الذي هو مخ العبادة لله وحده ، و نسو ما كانوا يشركون به ، لعلمهم أنه لا يكشف الكروب إلا الله وحده جل وعلا . ولم يبين هنا نوع العذاب الدنيوي الذي يحملهم على الإخلاص لله ، ولم يبين هنا أيضا إذا كشف عليهم العذاب هل يستمرون على إخلاصهم ، أو يرجعون إلى كفرهم و شركهم ، ولكنه بين كل ذلك في مواضع أخر فبين أن العذاب الدنيوي الذي يحملهم على الإخلاص ، هو نزول الكروب التي يخاف من نزلت به الهلاك ، : كأن يهيج البحر عليهم و تلتطم أمواجه ، و يغلب على ظنه أنهم سيغرقون فيه إن لم يخلصوا الدعاء لله وحده ، كقوله تعالى ( حتى إذا كنتم في الفلك و جرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف و جاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير حق ) ، وقوله ( وإذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون إلا إياه ) ، وقوله ( وإذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين ) ، إلى غير ذلك من الآيات و بين أنهم إذا كشف الله عنهم ذلك الكرب ، رجعوا إلى ما كانوا عليه من الشرك في مواضع كثيرة كقوله ( فلما نجاكم إلى البر أعرضتم و كان الإنسان كفورا ) ، وقوله( فلما نجاهم إلى البر إذا هم مشركون ) ، وقوله ( قل الله ينجيكم منها و من كل كرب ثم أنتم تشركون ) ، وقوله( فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير حق ) إلى غير ذلك من الآيات .