ثم بين غاية جهالة الكفار وأنهم مع جحودهم يفزعون إلى الله في البليات فقال { قل أرأيتكم } هو منقول من رأيت بمعنى : أبصرت أو عرفت كأنه قيل : أبصرته وشاهدت حاله العجيبة ، أو أعرفتها أخبرني عنها ، فلا يستعمل إلا في الاستخبار عن حالة عجيبة بشيء . فهذا من باب إيقاع السبب على المسبب ؛ لأن الإخبار إنما يكون بعد المشاهدة أو العرفان . أما إعرابه : فالتاء ضمير الفاعل ، والكاف للخطاب . فالتاء يكون بلفظ واحد في التثنية والجمع والتأنيث . وتختلف هذه المعاني على الكاف نحو : أرأيتك أرأيتكما أرأيتكم أرأيتكن . والتاء في جميع ذلك مفتوحة ، والكاف حرف خطاب وليست اسماً ، وإلا لكانت إما مجرورة ولا جار ، وإما مرفوعة ، وليست الكاف من ضمائر المرفوع ولا رافع أيضاً ، لأن التاء فاعل ولا يكون لفعل فاعلان ، وإما منصوبة وهو باطل من وجوه : أحدها أن هذا الفعل قد يتعدى إلى مفعولين ، نحو أرأيتك زيداً ما شأنه . فلو جعلت الكاف مفعولاً لكان ثالثاً . وثانيها لو كان مفعولاً لكان هو الثاني في المعنى ، وليس المعنى على ذلك إذ ليس الغرض أرأيت نفسك بل أرأيت غيرك ولذلك قلت : أرأيتك زيداً ، وزيد غير المخاطب ولا هو بدل منه . وثالثها لو كان منصوباً على أنه مفعول لظهرت علامة التثنية والجمع والتأنيث في التاء نحو : أرأيتماكما وأرأيتموكم وأرأيتموكن . وقد ذهب الفراء إلى أنه اسم مضمر منصوب في معنى المرفوع ويجوز تصريف التاء . فأما مفعولا أرأيت في الآية فقيل : هما محذوفان تقديره أرأيتكم عبادتكم الأصنام هل تنفعكم عند مجيء الساعة ؟ ودل عليه قوله { أغير الله تدعون } وقيل : لا يحتاج هاهنا إلى المفعول لأن الشرط وجوابه قد حصلا معنى المفعول ، وأما جواب الشرط فما دل عليه الاستفهام في قوله { أغير الله } تقديره أرأيتكم الساعة دعوتم الله وحاصل الآية قل يا محمد لهؤلاء الكفار أرأيتكم إن أتاكم العذاب في الدنيا أو عند قيام الساعة ، أتخصون آلهتكم بالدعوة أم تدعون الله دونها .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.