لطائف الإشارات للقشيري - القشيري  
{سَيَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمۡ إِذَا ٱنقَلَبۡتُمۡ إِلَيۡهِمۡ لِتُعۡرِضُواْ عَنۡهُمۡۖ فَأَعۡرِضُواْ عَنۡهُمۡۖ إِنَّهُمۡ رِجۡسٞۖ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (95)

يريد أنهم في حَلفِهِم باللهِ لكم أن يدفع السوءَ مِنْ قِبَلِكم ، وليس قصْدهم بذلك خلوصاً في اعتذارهم ، ولا ندامةً على ما احتقبوه من أوزارهم ، إنما ذلك لتُعْرِضُوا عنهم . . . فأَعْرِضوا عنهم ؛ فإِنَّ ذلك ليس بمُنْجِيهم مما سيلقونه غداً من عقوبة الله لهم ، فإِنَّ اللهَ يُمْهِلُ العاصيَ حتى يتَوهَّمَ أنه قد تَجَاوَزَ عنه ، وما ذلك إلا مَكْرٌ عُومِل به ، فإذا أذاقه ما يستوجِبُه عَلِمَ أن الأمرَ بخلاف ما ظنّه ، وما ينفع ظاهرٌ مغبوطٌ ، والحال - في الحقيقة - يأسٌ من الرحمة وقنوطٌ ، وفي معناه قالوا :

وقد حسدوني في قُرْبِ داري مِنْهُمُ *** وكم مِن قريبِ الدارِ وهو بعيدُ !