فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{سَيَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمۡ إِذَا ٱنقَلَبۡتُمۡ إِلَيۡهِمۡ لِتُعۡرِضُواْ عَنۡهُمۡۖ فَأَعۡرِضُواْ عَنۡهُمۡۖ إِنَّهُمۡ رِجۡسٞۖ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُ جَزَآءَۢ بِمَا كَانُواْ يَكۡسِبُونَ} (95)

{ سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم } ذكر أن هؤلاء المعتذرين بالباطل سيؤكدون ما جاءوا به من الأعذار الباطلة بالحلف عند رجوع المؤمنين إليهم من الغزو ، وغرضهم من هذا التأكيد { لتعرضوا عنهم } أي يعرض المؤمنون عنهم فلا يوبخونهم ولا يؤاخذونهم بالتخلف ويظهرون الرضا عنهم كما يفيده ذكر الرضا من بعد ، وحذف المحلوف عليه لكون الكلام يدل عليه ، وهو اعتذارهم الباطل .

{ فأعرضوا عنهم } أي دعوهم وما اختاروا لأنفسهم ، والمراد به تركهم والمهاجرة لهم لا الرضا عنهم والصفح عن ذنبهم كما تفيده جملة { إنهم رجس } الواقعة علة للأمر بالإعراض ، والمعنى أنهم في أنفسهم رجس لكون جميع أعمالهم نجسة فكأنها قد صيرت ذواتهم رجسا أو أنهم ذوو رجس أي ذوو أعمال قبيحة ، ومثله { إنما المشركون نجس } .

وهؤلاء لما كانوا هكذا كانوا غير متأهلين لقبول الإرشاد إلى الخير والتحذير من الشر فليس لهم إلا الترك ، قال أهل المعاني : إن هؤلاء طلبوا إعراض الصفح فأعطوا إعراض المقت .

{ ومأواهم جهنم } من تمام التعليل فإن من كان من أهل النار لا يجدي فيه الدعاء إلى الخير ، أو تعليل مستقل قاله أبو السعود ، والمأوى كل مكان يأوي إليه الشيء ليلا أو نهارا ، وقد أوى فلان إلى منزله يأوي { جزاء } أي يجزون جزاء أو مفعول من أجله { بما كانوا يكسبون } الباء للسببية .