في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلۡمُقَامَةِ مِن فَضۡلِهِۦ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٞ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٞ} (35)

27

( الذي أحلَّنا دار المقامة ) . . للإقامة والاستقرار ( من فضله )فما لنا عليه من حق ، إنما هو الفضل يعطيه من يشاء . ( لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ) . . بل يجتمع لنا فيها النعيم والراحة والاطمئنان .

فالجو كله يسر وراحة ونعيم . والألفاظ مختارة لتتسق بجرسها وإيقاعها مع هذا الجو الحاني الرحيم . حتى " الحزن " لا يتكأ عليه بالسكون الجازم . بل يقال " الحزَن " بالتسهيل والتخفيف . والجنة ( دار المقامة ) . والنصب واللغوب لا يمسانهم مجرد مساس . والإيقاع الموسيقي للتعبير كله هادىء ناعم رتيب .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{ٱلَّذِيٓ أَحَلَّنَا دَارَ ٱلۡمُقَامَةِ مِن فَضۡلِهِۦ لَا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٞ وَلَا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٞ} (35)

قوله : { الَّذِي أَحَلَّنَا دَارَ الْمُقَامَةِ مِنْ فَضْلِهِ } يحمدون الله الذي أنزلهم { دَارَ الْمُقَامَةِ } أي دار الإقامة الدائمة التي لا نقلة منها ولا تحوّل عنها وهي الجنة ، دار البقاء المستديم الذي لا يفنى ولا يزول { مِنْ فَضْلِهِ } أي من إفضاله وجزيل عطائه وواسع رحمته .

قوله : { لا يَمَسُّنَا فِيهَا نَصَبٌ وَلا يَمَسُّنَا فِيهَا لُغُوبٌ } النصب ، معناه التعب{[3872]} واللغوب ، معناه الإعياء والعناء{[3873]} . أي يحمدون الله أنْ أنزلهم الجنة حيث الأمن والسعادة والقرار الدائم فلا يصيبهم فيها تعب من أتعاب الدنيا . قال الزمخشري في الفرق بين النصب واللغوب : النَصَب نفس المشقة والتعب . أما اللغوب فما يلحق الناصب المتْعَب من الفتور بسبب النصب . أو ما يعقب التعب من الكلال{[3874]} .


[3872]:مختار الصحاح ص 661
[3873]:أساس البلاغة ص 567
[3874]:الكشاف ج 3 ص 310 وتفسير الطبري ج 22 ص 91 وتفسير ابن كثير ج 3 ص 557