في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلُوٓاْ إِلَيۡهِ يَزِفُّونَ} (94)

69

وينتهي هذا المشهد فيليه مشهد جديد . وقد عاد القوم فاطلعوا على جذاذ الآلهة ! ويختصر السياق ما يفصله في سورة أخرى من سؤالهم عمن صنع بآلهتهم هذا الصنع ، واستدلالهم في النهاية على الفاعل الجريء . يختصر هذا ليقفهم وجهاً لوجه أمام إبراهيم !

( فأقبلوا إليه يزفون ) . .

لقد تسامعوا بالخبر ، وعرفوا من الفاعل ، فأقبلوا إليه يسرعون الخطى ويحدثون حوله زفيفاً . . وهم جمع كثير غاضب هائج ، وهو فرد واحد . ولكنه فرد مؤمن . فرد يعرف طريقه . فرد واضح التصور لإلهه . عقيدته معروفة له محدودة . يدركها في نفسه ، ويراها في الكون من حوله . فهو أقوى من هذه الكثرة الهائجة المائجة ، المدخولة العقيدة ، المضطربة التصور . ومن ثم يجبههم بالحق الفطري البسيط لا يبالي كثرتهم وهياجهم وزفيفهم !

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{فَأَقۡبَلُوٓاْ إِلَيۡهِ يَزِفُّونَ} (94)

التعقيب في قوله : { فأقبلوا إليه } تعقيب نسبي وجاءه المرسلون إليه مسرعين { يزفون } أي يعْدون ، والزَّف : الإِسراع في الجري ، ومنه زفيف النعامة وزفها وهو عَدْوها الأول حين تنطلق .

وقرأ الجمهور { يَزِفُّونَ } بفتح الياء وكسر الزاي على أنه مضارع زفّ . وقرأه حمزة وخلف بضم الياء وكسر الزاي ، على أنه مضارع أزفّ ، أي شرعوا في الزفيف ، فالهمزة ليست للتعدية بل للدخول في الفعل ، مثل قولهم : أَدنف ، أي صار في حال الدنف ، وهو راجع إلى كون الهمزة للصيرورة .