والآية الثالثة تقرر تبعة من يكسب الخطيئة ثم يرمي بها البرى ء . . وهي الحالة المنطبقة على حالة العصابة التي يدور عليها الكلام :
( ومن يكسب خطيئة أو إثما ، ثم يرم به بريئا ، فقد احتمل بهتانا وإثما مبينًا . . )
البهتان في رميه البرى ء . والإثم في ارتكابه الذنب الذي رمى به البرى ء . . وقد احتملهما معه . وكأنما هما حمل يحمل . على طريقة التجسيم التي تبرز المعنى وتؤكده في التعبير القرآني المصور .
وبهذة القواعد الثلاث يرسم القرآن ميزان العدالة الذي يحاسب كل فرد على ما اجترح . ولا يدع المجرم يمضي ناجيا إذا ألقى جرمه على سواه . . وفي الوقت ذاته يفتح باب التوبة والمغفرة على مصراعيه ؛ ويضرب موعدا مع الله - سبحانه - في كل لحظة للتائبين المستغفرين ، الذين يطرقون الأبواب في كل حين . بل يلجونها بلا استئذان فيجدون الرحمة والغفران !
وقوله تعالى : { خطيئة أو إثماً } ذهب بعض الناس إلى أنهما لفظان بمعنى كرر لاختلاف اللفظ ، وقال الطبري : إنما فرق بين «الخطيئة والإثم » أن الخطيئة تكون عن عمد وعن غير عمد ، والإثم لا يكون إلا عن عمد ، وهذه الآية لفظها عام ، ويندرج تحت ذلك العموم وتوبيخه أهل النازلة المذكورة ، «وبريء » النازلة قيل : هو لبيد بن سهل ، وقيل : هو زيد بن السمين اليهودي ، وقيل : أبو مليل الأنصاري ، وقوله تعالى : { فقد احتمل } تشبيه ، إذ الذنوب ثقل ووزر ، فهي كالمحمولات ، و { بهتاناً } معناه : كذباً على البريء ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا قلت في أخيك ما فيه مما يكره سماعه فقد اغتبته ، فإن قلت ما ليس فيه بهته ){[4278]} ، فرمي البريء بهت له ونفس الخطيئة والإثم إثم مبين ، معصية هذا الرامي معصيتان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.