البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَمَن يَكۡسِبۡ خَطِيٓـَٔةً أَوۡ إِثۡمٗا ثُمَّ يَرۡمِ بِهِۦ بَرِيٓـٔٗا فَقَدِ ٱحۡتَمَلَ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (112)

{ ومن يكسب خطيئة أو إثماً ثم يرم به بريئاً فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً } قيل : نزلت في طعمة بن أبيرق حين سرق الدرع ورماها في دار اليهودي .

وروى الضحاك عن ابن عباس : أنها نزلت في عبد الله بن أبي بن سلول ، إذ رمى عائشة بالإفك .

وظاهر العطف بأو المغايرة ، فقيل : الخطيئة ما كان عن غير عمد .

والإثم : ما كان عن عمد ، والصغيرة والكبيرة ، أو القاصر على فعل والمتعدي إلى غيره .

وقيل : الخطيئة سرقة الدرع ، والإثم يمينه الكاذبة .

وقال ابن السائب : الخطيئة يمين السارق الكاذبة ، والإثم سرقة الدرع ، ورمى اليهودي به .

وقال الطبري : الخطيئة تكون عن عمد وغير عمد ، والإثم لا يكون إلا عن عمد .

وقيل : هما لفظان بمعنى واحد ، كرّرا مبالغة .

والضمير في : به ، عائد على الإثم ، والمعطوف بأو يجوز أن يعود الضمير على المعطوف عليه كقوله : انفضوا إليها وعلى المعطوف كهذا .

وتقدم الكلام في ذلك بأشبع من هذا .

وقيل : يعود على الكسب المفهوم من يكسب .

وقيل : على المكسوب .

وقيل : يعود على أحد المذكورين الدال عليه العطف بأو ، كأنه قيل : ثم يرم بأحد المذكورين .

وقيل : ثم محذوف تقديره : ومن يكسب خطيئة ثم يرم به بريئاً أو إثماً ثم يرم به بريئاً ، وهذه تخاريج من لم يتحقق بشيء من علم النحو .

والبريء المتهم بالذنب ولم يذنب .

ومعنى : فقد احتمل بهتاناً ، أي برميه البريء ، فإنه يبهته بذلك ، وإثماً مبيناً أي : ظاهراً لكسبه الخطيئة أو الإثم .

والمعنى : أنه يستحق عقابين : عقاب الكسب ، وعقاب البهت .

وقدم البهت لقربه من قوله : ثم يرم به بريئاً ، ولأنه ذنب أفظع من كسب الخطيئة أو الإثم .

ولفظ احتمل أبلغ من حمل ، لأنّ افتعل فيه للتسبب كاعتمل .

ويحتمل أن يكون افتعل فيه كالمجرد كما قال : { وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقَالَهُمْ } فيكون كقدر واقتدر .

لما كان الوزر يوصف بالفعل ، جاء ذكر الحمل والاحتمال وهو استعارة .

جعل المجني كالجرم المحمول .

ولفظة : ومَن تدل على العموم ، فلا ينبغي أن تخصّ ببني أبيرق ، بل هم مندرجون فيها .

وقرأ معاذ بن جبل : ومن يكِسّب بكسر الكاف وتشديد السين ، وأصله : يكتسب .

وقرأ الزهري : خطية بالتشديد .

/خ113