معاني القرآن للفراء - الفراء  
{وَمَن يَكۡسِبۡ خَطِيٓـَٔةً أَوۡ إِثۡمٗا ثُمَّ يَرۡمِ بِهِۦ بَرِيٓـٔٗا فَقَدِ ٱحۡتَمَلَ بُهۡتَٰنٗا وَإِثۡمٗا مُّبِينٗا} (112)

وقوله : { وَمَن يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْما ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً . . . }

يقال : كيف قال " به " وقد ذَكَر الخطيئة والإثم ؟ . وذلك جائز أن يُكْنَى عن الفعلين وأحدهما مؤنّث بالتذكير والتوحيد ، ولو كثر لجاز الكناية عنه بالتوحيد ؛ لأن الأفاعيل يقع عليها فعل واحد ، فلذلك جاز . فإن شئت ضممت الخطيئة والإثم فجعلته كالواحد . وإن شئت جعلت الهاء للإثم خاصّة ؛ كما قال { وإذا رَأَوْا تجارةً أو لَهْواً انفَضُّوا إِليها } فجعله للتجارة . وفي قراءة عبد الله ( وإذا رأوا لهوا أو تجارة انفَضُّوا إليها ) فجعله للتجارة في تقديمها وتأخيرها . ولو أتى بالتذكير فجعِلا كالفعل الواحد لجاز . ولو ذكّر على نِيّة اللهو لجاز . وقال { إِن يكن غَنِيّاً أو فَقِيرا فاللَّهُ أَوْلَى بهما } فثنّى . فلو أتى في الخطيئة واللهو والإثم والتجارة مثنى لجاز . وفي قراءة أبىّ ( إن يكن غنِىّ أو فقير فالله أولى بهم ) وفي قراءة عبد الله ( إِن يكن غنىّ أو فقير فالله أولى بهما ) فأما قول أبىّ ( بهم ) فإنه كقوله { وكم مِن مَلَكٍ في السمواتِ لا تُغْنِى شفاعَتُهمْ } ذهب إلى الجمع ، كذلك جاء في قراءة أبىّ ، لأنه قد ذكرهم جميعا ثم وحّد الغنىّ والفقير وهما في مذهب الجمع ؛ كما تقول : أصبح الناس صائما ومفطرا ، فأدّى اثنان عن معنى الجمع .