في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَفَمَن يَخۡلُقُ كَمَن لَّا يَخۡلُقُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (17)

وعندما ينتهي استعراض آيات الخلق ، وآيات النعمة ، وآيات التدبير في هذا المقطع من السورة يعقب السياق عليه بما سيق هذا الاستعراض من أجله . فقد ساقه في صدد قضية التعريف بالله سبحانه وتوحيده وتنزيهه عما يشركون :

( أفمن يخلق كمن لا يخلق ؟ أفلا تذكرون ؟ وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفور رحيم . والله يعلم ما تسرون وما تعلنون ، والذين يدعون من دون الله لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ، أموات غير أحياء وما يشعرون أيان يبعثون ) . .

وهو تعقيب يجيء في أوانه ، والنفس متهيئة للإقرار بمضمونه : ( أفمن يخلق كمن لا يخلق ) . فهل هنالك إلا جواب واحد : لا . وكلا : أفيجوز أن يسوي إنسان في حسه وتقديره . . بين من يخلق ذلك الخلق كله ، ومن لا يخلق لا كبيرا ولا صغيرا ؟ ( أفلا تذكرون ) فما يحتاج الأمر إلى أكثر من التذكر ، فيتضح الأمر ويتجلى اليقين .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{أَفَمَن يَخۡلُقُ كَمَن لَّا يَخۡلُقُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (17)

{ أفمن يخلق كمن لا يخلق } إنكار بعد إقامة الدلائل المتكاثرة على كمال قدرته وتناهي حكمته ، والتفرد بخلق ما عدد من مبدعاته لأن يساويه ويستحق مشاركته ما لا يقدر على خلق شيء من ذلك بل على إيجاد شيء ما ، وكان حق الكلام أفمن لا يخلق كمن يخلق ، لكنه عكس تنبيها على أنهم بالإشراك بالله سبحانه وتعالى جعلوه من جنس المخلوقات العجزة شبيها بها ، والمراد بمن لا يخلق كل ما عبد من دون الله سبحانه وتعالى مغلبا فيه أولو العلم منهم أو الأصنام ، وأجروها مجرى أولي العلم لأنهم سموها آلهة ومن حق الإله أن يعلم ، أو للمشاكلة بينه وبين من يخلق أو للمبالغة وكأن قيل : إن من يخلق ليس كمن لا يخلق من أولي العلم فكيف بما لا علم عنده ، { أفلا تذكّرون } فتعرفوا فساد ذلك فإنه لجلائه كالحاصل للعقل الذي يحضر عنده بأدنى تذكر والتفات .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{أَفَمَن يَخۡلُقُ كَمَن لَّا يَخۡلُقُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (17)

ثم قررهم على التفرقة بين من يخلق الأشياء ويخترعها وبين من لا يقدر على شيء من ذلك ، وعبر عن الأصنام ب «من » لوجهين ، أحدهما أن الآية تضمنت الرد على جميع من عبد غير الله ، وقد عبرت طوائف من تقع عليه العبارة ب «من » ، والآخر أن العبارة جرت في الأصنام بحسب اعتقاد الكفرة فيها في أن لها تأثيراً وأفعالاً{[7270]} ، ثم وبخهم بقوله { أفلا تذكرون } .


[7270]:ومثل هذه الآية قوله تعالى: {ألهم أرجل يمشون بها}. قال الفراء: "والعرب تقول: اشتبه علي الراكب و جمله فما أدري من ذا ومن ذا؟ حيث جمعهما وأحدهما إنسان صاحت (من) فيهما جميعا".