فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَفَمَن يَخۡلُقُ كَمَن لَّا يَخۡلُقُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (17)

{ أَفَمَن يَخْلُقُ كَمَن لاَّ يَخْلُقُ أَفَلا تَذَكَّرُونَ ( 17 ) }

ثم لما عدد الآيات الدالة على الصانع ووحدانيته وكمال قدرته أراد أن يوبخ أهل الشرك والعناد فقال : { أَفَمَن يَخْلُقُ } هذه المخلوقات العجيبة العظيمة والمصنوعات الغريبة الجليلة ويفعل هذه الأفاعيل العجيبة المرئية بالعيان { كَمَن لاَّ يَخْلُقُ } شيئا منها ولا يقدر على إيجاد واحد منها ، وهي هذه الأصنام التي يعبدونها ويجعلونها شركاء لله سبحانه .

وأطلق عليها لفظ { من } إجراء لها مجرى أولي العلم جريا على زعمهم بأنها آلهة أو مشاكلة لقوله : { أفمن يخلق } لوقوعها في صحبته أو هو من عكس التشبيه . وفي هذا الاستفهام من التقريع والتوبيخ للكفار ما لا يخفى ، وما أحقهم بذلك فإنهم جعلوا بعض المخلوقات شريكا لخالقه ، تعالى الله عما يشركون .

{ أَفَلا تَذَكَّرُونَ } مخلوقات الله الدالة على وجوده وتفرده بالربوبية وبديع صنعته فتستدلون بها على ذلك ، فإنها لوضوحها يكفي في الاستدلال بها مجرد التذكر لها لا يحتاج إلى دقيق الفكر والنظر ، قال قتادة في الآية : الله هو الخالق الرازق ، وهذه الأوثان التي تعبد دون الله تخلق ولا تخلق شيئا ، ولا تملك لأهلها ضرا ولا نفعا .