فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَفَمَن يَخۡلُقُ كَمَن لَّا يَخۡلُقُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (17)

{ أَفَمَن يَخْلُقُ } هذه المصنوعات العظيمة ويفعل هذه الأفاعيل العجيبة { كَمَن لاَّ يَخْلُقُ } شيئاً منها ولا يقدر على إيجاد واحد منها ، وهو هذه الأصنام التي تعبدونها وتجعلونها شركاء لله سبحانه . وأطلق عليها لفظ «من » إجراء لها مجرى أولى العلم جرياً على زعمهم بأنها آلهة ، أو مشاكلة لقوله : { أَفَمَن يَخْلُقُ } لوقوعها في صحبته ، وفي هذا الاستفهام من التقريع والتوبيخ للكفار ما لا يخفى ، وما أحقهم بذلك ، فإنهم جعلوا بعض المخلوقات شريكاً لخالقه { تعالى الله عما يشركون } { أَفَلاَ تَذَكَّرُونَ } مخلوقات الله الدالة على وجوده وتفرّده بالربوبية وبديع صنعته فتستدلون بها على ذلك ، فإنها لوضوحها يكفي في الاستدلال بها مجرّد التذكر لها .

/خ19