الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَفَمَن يَخۡلُقُ كَمَن لَّا يَخۡلُقُۚ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ} (17)

ثم قال [ تعالى{[38703]} ] ذكره : { أفمن يخلق كمن لا يخلق } [ 17 ] .

أي : الله الخالق لهذه الأشياء كلها الذي قد عددها وقدم ذكرها ، الرازق لكم ولها ، كالأوثان التي لا تخلق ولا ترزق .

ومعنى الآية التقريع{[38704]} والتوبيخ للمشركين الذين عبدوا ما لا ينفع ولا يضر وهي الأوثان والأصنام .

{ أفلا تذكرون } [ 17 ] .

أي : تذكرون ما يتلى عليكم من النعم والقدرة والسلطان و[ أن{[38705]} ] الله هو المنفرد بذلك{[38706]} ، لا يقدر عليه غيره فيدعوكم ذلك إلى عبادة الله [ عز وجل{[38707]} ] ، وترك عبادة الأوثان ، وتعرفوا خطأ ما{[38708]} أنتم عليه من عبادتكم إياها ، وإقراركم لها بالألوهية{[38709]} ، كل هذا تنبيه وتوبيخ لهم لتقوم عليهم الحجة{[38710]} .

وقوله : { كمن لا يخلق } [ 17 ] .

يريد به الوثن ، وهو لا يعقل فوقعت له " من " . وإنما ذلك لأن العرب إذا أخبرت{[38711]} عمن لا يعقل بفعل من يعقل أجرت لفظه كلفظ من يعقل . فلما أنزلوا الأوثان في العبادة لها منزلة من يعقل ، أخبر عنها كما يخبر عمن يعقل . ومنها قوله { ومنهم من يمشي{[38712]} }/فأتى بمن ، لما أخبر عنها بالمشي كما أخبر عمن يعقل ، وكذا تفعل العرب : إذا خلطت من يعقل بمن لا يعقل غلبت من يعقل{[38713]} . وحكي عن العرب : " اشتبه علي الراكب وحمله ، فما أدري من ذا من{[38714]} ذا " {[38715]} .


[38703]:ساقط من ق.
[38704]:في النسختين "التقرير".
[38705]:ساقط من ط.
[38706]:ق: لذلك.
[38707]:ساقط من ق.
[38708]:ق: "وما".
[38709]:ط: بالألوهية.
[38710]:وهو تفسير ابن جرير، انظر: جامع البيان 14/92.
[38711]:ط طمس أتى على السطور الثلاثة الأولى من ص 334.
[38712]:النور: 45.
[38713]:انظر: في استعمال من لغير العاقل معاني الفراء 2/98 والكشاف 2/405 والمحرر 10/171 والتفسير الكبير 20/12 والجامع 10/62 وفيه نص مفيد جدا عن المهدوي.
[38714]:ق : "امن" بزيادة "الألف".
[38715]:انظر: هذا الشاهد في معاني الفراء 2/98 وجامع البيان 10/93، وفيه "الراكب وجمله" وكذا في الجامع 10/62.