قوله سبحانه وتعالى { أفمن يخلق كمن لا يخلق } لما ذكر الله عز وجل من عجائب قدرته وغرائب صنعته ، وبديع خلقه ما ذكر على الوجه الأحسن والترتيب الأكمل ، وكانت هذه الأشياء المخلوقة المذكورة في الآيات المتقدمة كلها دالة على كمال قدرة الله تعالى ، ووحدانيته وأنه تعالى هو المنفرد بخلقها جمعياً قال على سبيل الإنكار على من ترك عبادته واشتغل بعبادة هذه الأصنام التي لا تضر ولا تنفع ، ولا تقدر على شيء { أفمن يخلق } يعني هذه الأشياء الموجودة المرئية بالعيان ، وهو الله تعالى الخالق لها { كمن لا يخلق } يعني هذه الأصنام العاجزة التي لا تخلق شيئاً البتة ، لأنها جمادات لا تقدر على شيء ، فكيف يليق بالعاقل أن يشتغل بعبادتها ويترك عبادة من يستحق العبادة وهو الله خالق هذه الأشياء كلها ، ولهذا المعنى ختم هذه الآية بقوله { أفلا تذكرون } يعني أن هذا القدر ظاهر غير خافٍ على أحد فلا يحتاج فيه إلى دقيق الفكر والنظر بل مجرد التذكر فيه ، كفاية لمن فهم وعقل واعتبر بما ذكره . بقي في الآية سؤالان : الأول : قوله : كمن لا يخلق المراد به الأصنام وهي جمادات لا تعقل فكيف يعبر عنها بلفظة من وهي لمن يعقل ، والجواب عنه أن الكفار لما سموا هذه الأصنام آلة وعبدوها أجريت مجرى من يعقل في زعمهم ألا ترى إلى قوله : بعد هذا والذين تدعون من دون الله لا يخلقون شيئاً فخاطبهم على قدر زعمهم ، وعقولهم . السؤال الثاني : قوله : أفمن يخلق كمن لا يخلق المقصود منه إلزام الحجة على من عبد الأصنام حيث جعل غير الخالق مثل الخالق ، فكيف قال على سبيل الاستفهام أفمن يخلق كمن لا يخلق والجواب عنه أنه ليس المراد منه الاستفهام بل المراد منه أن من خلق الأشياء العظيمة وأعطى هذه النعم الجزيلة ، كيف يسوى بينه وبين هذه الجمادات الخسيسة في التسمية والعبادة ، وكيف يليق بالعاقل أن يترك عبادة من يستحق العبادة لأنه خالق هذه الأشياء الظاهرة كلها ، ويشتغل بعبادة جمادات لا يخلق شيئاً البتة والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.