في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمۡ فِي بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِسۡرَارَهُمۡ} (26)

16

ثم يذكر السبب الذي جعل للشيطان عليهم هذا السلطان ، وانتهى بهم إلى الارتداد على الأدبار بعد ما عرفوا الهدى وتبينوه :

( ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر ) . .

واليهود في المدينة هم أول من كرهوا ما نزل الله ؛ لأنهم كانوا يتوقعون أن تكون الرسالة الأخيرة فيهم ، وأن يكون خاتم الرسل منهم ؛ وكانوا يستفتحون على الذين كفروا ويوعدونهم ظهور النبي الذي يقودهم ويمكن لهم في الأرض ويسترجع ملكهم وسلطانهم . فلما اختار الله آخر رسله من نسل إبراهيم ، من غير يهود ، كرهوا رسالته . حتى إذا هاجر إلى المدينة كرهوا هجرته ، التي هددت ما بقي لهم من مركز هناك . ومن ثم كانوا إلبا عليه منذ أول يوم ، وشنوا عليه حرب الدس والمكر والكيد ، حينما عجزوا عن مناصبته العداء جهرة في ميادين القتال ؛ وانضم إليهم كل حانق ، وكل منافق ، وظلت الحرب سجالا بينهم وبين رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] حتى أجلاهم في آخر الأمر عن الجزيرة كلها وخلصها للإسلام .

وهؤلاء الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم قالوا لليهود : ( سنطيعكم في بعض الأمر ) . . والأرجح أن ذلك كان في الدس والكيد والتآمر على الإسلام ورسول الإسلام .

( والله يعلم إسرارهم ) .

وهو تعقيب كله تهديد . فأين يذهب تآمرهم وإسرارهم وماذا يؤثر ؛ وهو مكشوف لعلم الله ? معرض لقوة الله ?

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ قَالُواْ لِلَّذِينَ كَرِهُواْ مَا نَزَّلَ ٱللَّهُ سَنُطِيعُكُمۡ فِي بَعۡضِ ٱلۡأَمۡرِۖ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ إِسۡرَارَهُمۡ} (26)

{ ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم }

{ ذلك } أي إضلالهم { بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزَّل الله } أي للمشركين { سنطيعكم في بعض الأمر } أي المعاونة على عداوة النبي صلى الله عليه وسلم وتثبيط الناس عن الجهاد معه ، قالوا ذلك سراً فأظهره الله تعالى { والله يعلم أسرارهم } بفتح الهمزة جمع سر وبكسرها مصدر .