في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحۡمَٰنِ مَثَلٗا ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدّٗا وَهُوَ كَظِيمٌ} (17)

( وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلاً ظل وجهه مسوداً وهو كظيم ) . .

افما كان من اللياقة والأدب ألا ينسبوا إلى الله من يستاءون هم إذا بشروا به ، حتى ليسود وجه أحدهم من السوء الذي يبلغ حداً يجل عن التصريح به ، فيكظمه ويكتمه وهو يكاد يتميز من السوء ? !

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحۡمَٰنِ مَثَلٗا ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدّٗا وَهُوَ كَظِيمٌ} (17)

شرح الكلمات :

{ بما ضرب للرحمن مثلا } : أي بما جعل للرحمن شبها وهو الولد .

{ ظل وجهه مسودا وهو كظيم } : أي أقام طوال نهاره مسود الوجه من الحزن وهو ممتلئ غيظاً .

المعنى :

وقوله تعالى { وإذا بشر أحدكم بما ضرب للرحمن مثلا } أي بما جعل لله شبها وهو الولد ظَلَّ وجهه مسودا وهو كظيم ، أي إن هؤلاء الذين يجعلون لله البنات كذبا وافتراء ، إذا ولد لأحدهم بنت فبشر بها أي أخبر بأن امرأته جاءت ببنت ظل وجهه طوال النهار مسوداً من الكآبة والغم وهو كظيم أي ممتلئ غماً وحزناً .

الهداية :

من الهداية :

- بيان حال المشركين العرب في الجاهلية من كراهيتهم البنات خوف العار وذلك لشدة غيرتهم .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحۡمَٰنِ مَثَلٗا ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدّٗا وَهُوَ كَظِيمٌ} (17)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم أخبر عنهم في التقديم، فقال: {وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا}، يعني شبها، والمثل زعموا أن الملائكة بنات الله تعالى...

{ظل وجهه مسودا}، يعني متغيرا.

{وهو كظيم}، يعني مكروب...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"وَإذَا بُشّرَ أحَدُهُمْ بِمَا ضَرَبَ للرّحْمَن مَثَلاً" يقول تعالى ذكره: وإذا بشر أحد هؤلاء المشركين الجاعلين لله من عباده جزءا بما ضرب للرحمن "مثلاً": يقول: بما مثل لله، فشبهه شبها، وذلك ما وصفه به من أن له بنات... وقوله: "ظَلّ وَجْهُهُ مُسْوَدّا" يقول تعالى ذكره: ظلّ وجه هذا الذي بشّر بما ضرب للرحمن مثلاً من البنات مسودّا من سوء ما بشر به،

"وَهُوَ كَظِيمٌ" يقول: وهو حزين.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

{بما ضرب للرحمن مثلا} إنه يُخرّج على وجهين: أحدهما: بما جعلوا له ولدا، والولد، هو شبيه الوالد، فكان إثبات الولد إثبات المثل والشبيه.

والثاني: في إثبات الولد له إثبات المشابهة بينه وبين جميع الخلق؛ لأن الخلق لا يخلو إما أن يكون مولودا من آخر ويولد منه آخر، وإما أن يكون له شريك في ما يملكه، وإما يكون هو شريك غيره، فيكون البعض شبيها بالبعض.

فمن أثبت لله شريكا وولدا، فقد جعله شبيها بالخلق. ولهذا بيّن الله تعالى من الولد الشريك تبرّيا واحدا بقوله تعالى: {لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك} [الإسراء: 111].

التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :

في هذا أيضا حجة عليهم؛ لأن من اسود وجهه بما يضاف إليه مما لا يرضى فهو أحق أن يسود وجهه بإضافة مثل ذلك إلى من هو أجل منه، فكيف إلى ربه...

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{بِمَا ضَرَبَ للرحمن مَثَلاً} بالجنس الذي جعله له مثلاً، أي: شبهاً لأنه إذا جعل الملائكة جزءاً لله وبعضاً منه فقد جعله من جنسه ومماثلاً له؛ لأن الولد لا يكون إلا من جنس الوالد، يعني: أنهم نسبوا إليه هذا الجنس. ومن حالهم أن أحدهم إذا قيل له: قد ولدت لك بنت اغتم واربدّ وجهه غيظاً وتأسفاً وهو مملوء من الكرب.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{بما ضرب} وعدل عن الوصف بالربوبية؛ لأنه قد يدعي المشاركة في مطلق التربية إلى الوصف الدال على عموم الرحمة، فتأمله بمجرده كاف في الزجر عن سوء قولهم فقال: {للرحمن} أي الذي لا نعمة على شيء من الخلق إلا وهي منه...

ولما كان تغير الوجه لا سيما بالسواد لا يدرك حق الإدراك إلا بالنهار، عبر بما هو حقيقة في الدوام نهاراً وإن كان المراد هنا مطلق الدوام: {ظل} أي دام.

{وجهه مسوداً} أي شديد السواد لما يجد من الكراهة الموصلة إلى الحنق بهذه البشارة التي أبانت التجربة عن أنها قد تكون سارة.

{وهو كظيم} أي حابس نفسه على ما ملئ من الكرب فكيف يأنف عاقل من شيء ويرضاه لعبده فضلاً عن مكافيه فضلاً عن سيده -هذا ما لا يرضى عاقل أن يمر بفكره فضلاً عن أن يتفوه به...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(وإذا بشر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلاً ظل وجهه مسوداً وهو كظيم)..

أفما كان من اللياقة والأدب ألا ينسبوا إلى الله من يستاءون هم إذا بشروا به، حتى ليسود وجه أحدهم من السوء الذي يبلغ حداً يجل عن التصريح به، فيكظمه ويكتمه وهو يكاد يتميز من السوء؟!

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

جملة {وإذا بُشِّر أحدهم} يجوز أن تكون في موضع الحال من ضمير النصب في {وأصفاكم ربّكم بالبنين، ومقتضى الظاهر أن يؤتى بضمير الخطاب في قوله: أحدهم} فعدل عن ضمير الخطاب إلى ضمير الغيبة على طريق الالتفات ليكونوا محكياً حالهم إلى غيرهم تعجيباً من فساد مقالتهم وتشنيعاً بها إذ نسبوا لله بنات دون الذّكور وهو نقص، وكانوا ممن يكره البنات ويَحقِرهُنَّ فنسبَتها إلى الله مفض إلى الاستخفاف بجانب الإلهية.

والمعنى: أأتّخذ مما يخلق بنات الله وأصفاكم بالبنين في حال أنكم إذا بُشّر أحدكم بما ضربه للرحمان مثلاً ظَلَّ وجهه مسودّاً. ويجوز أن تكون اعتراضاً بين جملة {أم اتخذ مما يَخْلُق بناتٍ} وجملة {أوَ مَنْ ينشأ في الحِلية} [الزخرف: 18].

واستعمال البشارة هنا تهكّم بهم كقوله: {فبشرهم بعذابٍ أليمٍ} [الانشقاق: 2] لأن البشارة إعلام بحصول أمر مسرّ.

و (ما) في قوله: {بما ضرب للرحمان مثلاً} موصولة، أي بُشر بالجنس الذي ضربه، أي جعله مثَلاً وشبهاً لله في الإلهية، وإذ جعلوا جنس الأنثى جزْءاً لله، أي منفصلاً منه فالمبشَّر به جنس الأنثى، والجنس لا يتعين. فلا حاجة إلى تقدير بشر بمِثل ما ضربه للرحمان مثلاً.

والضرْب: الجعل والصنع، ومنه ضَرْب الدينار، وقولهم: ضَرْبةُ لَازِبٍ، فَمَا صْدَقُ {بما ضرب للرحمان مثلاً} هو الإناث.

ومعنى {ظَلّ} هنا: صار، فإن الأفعال الناقصة الخمسة المفتتح بها باب الأفعال الناقصة، تستعمل بمعنى صار.

واسوِداد الوجه من شدة الغضب والغيظ إذ يصعد الدم إلى الوجه فتصير حمرته إلى سواد،

والمعنى: تغيَّظ.

والكظيم: الممسك، أي عن الكلام كرباً وحزناً.

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحۡمَٰنِ مَثَلٗا ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدّٗا وَهُوَ كَظِيمٌ} (17)

ولما كانت نسبة الولد إليه سبحانه مما لا يبنغي أن يخطر بالبال على حال من الأحوال . وكانت نسبته على سبيل الحقيقة أبعد منها على طريق المثال بأن يقال : الملائكة عنده في العزة بمنزلة البنات عند الأب ، قال مرشداً إلى أن ما قالوه لو كان على قصد التمثيل في غاية القباحة فضلاً عن أن يكون على التحقيق ، عائداً إلى الإعراض المؤذن بالمقت والإبعاد : { وإذا } أي جعلوا ذلك والحال أنه إذا { بشر } من أي مبشر كان { أحدهم } أطلق عليه ذلك تنبيهاً على أنه مما يسر كالذكر سواء في أن كلاً منهما ولد وتارة يسر وتارة يضر وهو نعمة من الخالق لأنه خير من العقم { بما ضرب } وعدل عن الوصف بالربوبية لأنه قد يدعى المشاركة في مطلق التربية إلى الوصف الدال على عموم الرحمة ، فتأمله بمجرده كاف في الزجر عن سوء قولهم فقال : { للرحمن } أي الذي لا نعمة على شيء من الخلق إلا وهي منه { مثلاً } أي جعل له شبهاً وهو الأنثى ، وعبر به دون أن يقول : بما جعل ، موضع " بما ضرب " تعليماً للأدب في حقه سبحانه في هذه السورة التي مقصودها العلم الموجب للأدب وزيادة في تقبيح كفرهم لا سيما إن أرادوا الحقيقة بالإشارة إلى أن الولد لا يكون إلا مثل الوالد ، لا يتصور أصلاً أن يكون خارجاً عن شبهه في خاص أوصافه .

ولما كان تغير الوجه لا سيما بالسواد لا يدرك حق الإدراك إلا بالنهار ، عبر بما هو حقيقة في الدوام نهاراً وإن كان المراد هنا مطلق الدوام : { ظل } أي دام { وجه مسوداً } أي شديد السواد لما يجد من الكراهة الموصلة إلى الحنق بهذه البشارة التي أبانت التجربة عن أنها قد تكون سارة { وهو كظيم } أي حابس نفسه على ما ملئ من الكرب فكيف يأنف عاقل من شيء ويرضاه لعبده فضلاً عن مكافيه فضلاً عن سيده - هذا ما لا يرضى عاقل أن يمر بفكره فضلاً عن أن يتفوه به .