تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحۡمَٰنِ مَثَلٗا ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدّٗا وَهُوَ كَظِيمٌ} (17)

الآية 17 ثم أخبر عنهم ما يُظهرون من الحزن عندما يولد لهم من الإناث وما يلحقُهم من الكراهة في ذلك بقوله تعالى : { وذا بُشّر أحدهم بما ضرب للرحمن مثلا ظل وجهه مسودّا وهو كظيم } .

ثم قوله تعالى : { بما ضرب للرحمن مثلا } أي شبها بالخلق ، وإنه يُخرّج على وجهين :

أحدهما : بما جعلوا له ولدا ، والولد ، هو شبيه الوالد ، فكان إثبات الولد إثبات المثل والشبيه .

والثاني : في إثبات الولد له إثبات المشابهة بينه وبين جميع الخلق ، لأن الخلق لا يخلو : إما أن يكون مولودا من آخر ، ويولد منه آخر ، وإما أن يكون له شريك في ما يملكه ، وإما{[18896]} يكون هو شريك غيره ، فيكون البعض شبيها بالبعض .

فمن أثبت لله شريكا وولدا فقد جعله شبيها بالخلق . ولهذا بيّن الله تعالى من الولد الشريك تبرّيا واحدا بقوله تعالى : { لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك } [ الإسراء : 111 ] نفى الولد والشريك عن نفسه نفيا واحدا وبراءة واحدة ، والله الموفّق .

وقوله تعالى : { أم اتخذ مما يخلق بنات وأصفاكم بالبنين } يحتمل أن يكون تفسيرا لقوله : { وجعلوا له من عباده جُزءا } وعلى ذلك قول أهل التأويل : إنهم جعلوا هذه تفسيرا للأولى .

وجائز أن يكون لا على التفسير للأولى ، ولكن على الابتداء في قوم آخرين سواهم على ما ذكرنا نحن من التأويل ، والله أعلم .


[18896]:في الأصل وم: و.