الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُم بِمَا ضَرَبَ لِلرَّحۡمَٰنِ مَثَلٗا ظَلَّ وَجۡهُهُۥ مُسۡوَدّٗا وَهُوَ كَظِيمٌ} (17)

{ بِمَا ضَرَبَ للرحمن مَثَلاً } بالجنس الذي جعله له مثلاً ، أي : شبهاً لأنه إذا جعل الملائكة جزءاً لله وبعضاً منه فقد جعله من جنسه ومماثلاً له ؛ لأن الولد لا يكون إلا من جنس الوالد ، يعني : أنهم نسبوا إليه هذا الجنس . ومن حالهم أن أحدهم إذا قيل له : قد ولدت لك بنت اغتم واربدّ وجهه غيظاً وتأسفاً وهو مملوء من الكرب . وعن بعض العرب : أن امرأته وضعت أنثى ، فهجر البيت الذي فيه المرأة ، فقالت :

مَا لأَبِي حَمْزَةَ لاَ يَأْتِينَا *** يَظَلُّ فِي الْبَيْتِ الَّذِي يَلِينَا

غَضْبَانُ أَنْ لاَ نَلِدَ الْبَنِينَا *** لَيْسَ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا مَاشِينَا

وَإِنَّمَا نَأْخُذُ مَا أُعْطِينَا ***

والظلول بمعنى الصيرورة ، كما يستعمل أكثر الأفعال الناقصة بمعناها . وقرىء «مسودّ ومسوادّ » على أن في { ظَلَّ } ضمير المبشر ، و { وَجْهُهُ مُسْوَدّاً } جملة واقعة موقع الخبر ، ثم قال : أو يجعل للرحمن من الولد من هذه الصفة المذمومة صفته .