في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ قَدۡ يَئِسُواْ مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلۡكُفَّارُ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡقُبُورِ} (13)

وفي الختام يجيء هذا الإيقاع العام :

( يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم ، قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور ) .

يجيء هتافا للذين آمنوا باسم الإيمان ، وبالصفة التي تميزهم عن سائر الأقوام ، إذ تصلهم بالله وتفصلهم عن أعداء الله .

وقد وردت بعض الروايات بأن المقصود بالقوم الذين غضب الله عليهم هم اليهود ، استنادا إلى دمغهم بهذه الصفة في مواضع أخرى من القرآن . ولكن هذا لا يمنع من عموم النص ليشمل اليهود والمشركين الذين ورد ذكرهم في السورة ، وكل أعداء الله . وكلهم غضب عليه الله . وكلهم يائس من الآخرة ، لا يعلق بها رجاء ، ولا يحسب لها حسابا كيأس الكفار من الموتى - أصحاب القبور - لاعتقادهم أن أمرهم انتهى ، وما عاد لهم من بعث ولا حساب .

وهو هتاف يتجمع من كل إيقاعات السورة واتجاهاتها . فتختم به كما بدأت بمثله . ليكون هو الإيقاع الأخير . الذي تترك السورة أصداءه في القلوب . .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ قَدۡ يَئِسُواْ مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلۡكُفَّارُ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡقُبُورِ} (13)

شرح الكلمات :

{ قوماً غضب الله عليهم } : أي اليهود .

{ قد يئسوا من الآخرة } : أي من ثوابها مع إيقانهم بها ، وذلك لعنادهم النبي مع علمهم بصِدْقِهِ .

{ كما يئس الكفار من أصحاب القبور } : أي كيأَس من سبقهم من اليهود الذين كفروا بعيسى وماتوا على ذلك فهم أيضاً قد يئسوا من ثواب الآخرة .

المعنى :

وقوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا } أي يا من صدقتم الله ورسوله لا تتولَّوا قوما غضب الله عليهم وهم اليهود لا تتولوهم بالنصرة والمحبة وقد يئسوا من الآخرة أي من ثواب الله فيها بدخول الجنة وذلك لعنادهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفرهم به مع علمه أنه رسول الله ومن كفر به وكذبه أو عانده وحاربه لا يدخل الجنة فلذا هم آيسون من دخول الجنة . وقوله تعالى { كما يئس الكفار من أصحاب القبور } أي كما يئس إخوانهم الذي ماتوا قبلهم من دخول الجنة إذ كفروا بعيسى عليه السلام وحاربوه ووالدته واتهموا عيسى بالسحر ووالدته بالعهر ، والعياذ بالله فيئس هؤلاء من دخول الجنة كما يئس من مات منهم ممن هم أصحاب قبور .

الهداية

من الهداية :

- حرمة موالاة اليهود بالنصر والمحبة .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ قَدۡ يَئِسُواْ مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلۡكُفَّارُ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡقُبُورِ} (13)

{ 13 } { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ }

أي : يا أيها المؤمنون ، إن كنتم مؤمنين بربكم ، ومتبعين لرضاه ومجانبين لسخطه ، { لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ } وإنما غضب عليهم لكفرهم ، وهذا شامل لجميع أصناف الكفار . { قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ } أي : قد حرموا من خير الآخرة ، فليس لهم منها نصيب ، فاحذروا أن تولوهم فتوافقوهم على شرهم وكفرهم{[1067]}  فتحرموا خير الآخرة كما حرموا .

[ وقوله ] { كَمَا يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحَابِ الْقُبُورِ } حين أفضوا إلى الدار الآخرة ، ووقفوا على حقيقة الأمر{[1068]}  وعلموا علم اليقين أنهم لا نصيب لهم منها . ويحتمل أن المعنى : قد يئسوا من الآخرة أي : قد أنكروها وكفروا بها ، فلا يستغرب حينئذ منهم الإقدام على مساخط الله وموجبات عذابه وإياسهم من الآخرة ، كما يئس الكفار المنكرون للبعث في الدنيا من رجوع أصحاب القبور إلى الله تعالى .

تم تفسير سورة الممتحنة ،

والحمد لله رب العالمين .


[1067]:- في ب وشركهم.
[1068]:- في ب: وشاهدوا.
 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ قَدۡ يَئِسُواْ مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلۡكُفَّارُ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡقُبُورِ} (13)

قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا قوما غضب الله عليهم } يعني اليهود . وذلك أن ناسا من فقراء المسلمين كانوا يخبرون اليهود بأخبار المؤمنين ويواصلونهم فيصيبون بذلك من ثمارهم فنهوا عن ذلك . { قد يئسوا من الآخرة } يعني اليهود قاله ابن زيد ، وقيل : هم المنافقون ، وقال الحسن : هم اليهود والنصارى ، قال ابن مسعود : معناه أنهم تركوا العمل للآخرة وآثروا الدنيا ، وقيل : المعنى يئسوا من ثواب الآخرة ، قاله مجاهد { كما يئس الكفار } أي الأحياء من الكفار ، { من أصحاب القبور } أن يرجعوا إليهم ، قاله الحسن وقتادة . قال ابن عرفة : وهم الذين قالوا : { وما يهلكنا إلا الدهر{[14921]} } [ الجاثية : 24 ] . وقال مجاهد : المعنى كما يئس الكفار الذين في القبور أن يرجعوا إلى الدنيا ، وقيل : إن الله تعالى ختم السورة بما بدأها من ترك موالاة الكفار ، وهي خطاب لحاطب بن أبي بلتعة وغيره . قال ابن عباس : { يا أيها الذين آمنوا لا تتولوا } أي لا توالوهم ولا تناصحوهم ، رجع تعالى بطَوْله وفضله على حاطب بن أبي بلتعة . يريد أن كفار قريش قد يئسوا من خير الآخرة كما يئس الكفار المقبورون من حظ يكون لهم في الآخرة من رحمة الله تعالى . وقال القاسم بن أبي بزة في قوله تعالى : { قد يئسوا من الآخرة كما يئس الكفار من أصحاب القبور } قال : من مات من الكفار يئس من الخير . والله أعلم .


[14921]:راجع جـ 16 ص 170.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ لَا تَتَوَلَّوۡاْ قَوۡمًا غَضِبَ ٱللَّهُ عَلَيۡهِمۡ قَدۡ يَئِسُواْ مِنَ ٱلۡأٓخِرَةِ كَمَا يَئِسَ ٱلۡكُفَّارُ مِنۡ أَصۡحَٰبِ ٱلۡقُبُورِ} (13)

ولما ذكر ما أمر به نبيه{[64748]} صلى الله عليه وسلم في المبايعات بعد أن عد الذين آمنوا أصلاً في امتحان{[64749]} المهاجرات فعلم من ذلك أن تولي النساء مع أنه لا ضرر فيهن بقتال ونحوه لا يسوغ إلا بعد العلم بإيمانهن ، وكان الختم بضفتي الغفران{[64750]} والرحمة مما جرأه على محاباة المؤمنين لبعض الكفار من أزواج أو غيرهم لقرابة أو غيرها لعلة يبديها الزوج أو غير لك من الأمور ، كرر سبحانه الأمر بالبراءة من كل عدو ، رداً لآخر السورة على أولها تأكيداً للإعراض عنهم وتنفيراً من توليهم كما أفهمته آية المبايعة وآية الامتحان ، فقال ملذذاً لهم بالإقبال بالخطاب كما فعل أولها بلذيذ العتاب : { يا أيها الذين آمنوا } .

ولما كان الميل عن الطريق الأقوام على خلاف ما تأمر به الفطرة الأولى فلا يكون إلا عن{[64751]} معالجتها ، عبر{[64752]} بالتفعل كما عبر به أول السورة بالافتعال فقال : { لا تتولوا } أي تعالجوا أنفسكم{[64753]} أن تتولوا { قوماً } أي{[64754]} ناساً لهم قوة على ما يحاولونه فغيرهم من باب الأولى { غضب الله } أي أوقع الملك الأعلى الغضب { عليهم } لإقبالهم على ما أحاط بهم من الخطايا فهو عام في كل من اتصف بذلك يتناول اليهود تناولاً أولياً .

ولما كان السامع لهذا يتوقع بيان سبب الغضب ، قال معللاً ومبيناً أنه لا خير فيهم يرجى وإن ظهر خلاف ذلك : { قد يئسوا } أي تحققوا عدم الرجاء { من الآخرة } أي من أن ينالهم منها{[64755]} خير ما لإحاطة معاصيهم بهم أو لعدم اعتقادهم لقيامها{[64756]} ولا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ، فيوشك من والاهم يكتب {[64757]}منهم{[64758]} فيحل بهم الغضب { كما يئس } من نيل الخير منها{[64759]} { الكفار } ولما كان{[64760]} من مات فصار أهلاً للدفن كشف له{[64761]} عن أحوال القيامة فعرف أنه ناج أو هالك ، وكان الموتى أعم من الكفار ، وموتى الكفار أعم ممن يدفن منهم فقال : { من أصحاب القبور * } فإن الكفار منهم قد علموا يأسهم من حصول الخير منها علماً قطعياً ، ويجوز أن يكون { من } ابتدائية فيكون المعنى : كما يئس عباد الأوثان من لقاء من مات ، فدفن باعتقاد أنه لا اجتماع بينهم{[64762]} أصلاً لأنه لا يمكن بعثه لا إلى الدنيا ولا إلى الآخرة{[64763]} لأنه لا آخرة{[64764]} عندهم أصلاً{[64765]} لا سيما إن كان مدفوناً في قبر ، وعلى هذا{[64766]} يكون{[64767]} الظاهر وضع موضع{[64768]} المضمر للدلالة على أن{[64769]} الذي أيأسهم تغطية الدلائل مع وضوحها لو أنصفوا ، فلا تتولوا من هذه صفته فيكون بينكم وبينه{[64770]} ما بين القريب مع قريبه{[64771]} من تولى كل منهم من الآخر ما يتولاه القريب الصديق لقريبه فإن توليهم{[64772]} ضرر لا نفع فيه فإن من غضب عليه الملك الشهيد لكل حركاته وسكناته لا يفلح هو ولا من تولاه ، وأقل ما في ولايته من الضرر أنها تنقطع المعاونة فيها ، والمشاركة بالموت وإن كان بعد الموت مشاركة ففي العذاب الدائم {[64773]}المستمر الذي لا ينقطع عنهم{[64774]} والخزي اللازم ، وقد علم أن هذا الآخر هو أولها ، وهذا الموصل مفصلها ، فسبحانه من أنزله كتاباً معجزاً حكيماً{[64775]} ، وقرآناً موجزاً جامعاً عظيماً .


[64748]:- زيد من ظ وم.
[64749]:- زيد من ظ وم.
[64750]:- من ظ وم، وفي الأصل: الغفر.
[64751]:- من ظ وم، وفي الأصل: من.
[64752]:- زيد من ظ وم.
[64753]:- زيد في الأصل: قبل، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[64754]:- من ظ وم، وفي الأصل: أو.
[64755]:- من ظ وم، وفي الأصل: بها.
[64756]:- من ظ وم، وفي الأصل: أمامها.
[64757]:- في ظ وم: يكتسب.
[64758]:- من ظ وم، وفي الأصل: لهم.
[64759]:- زيد من ظ وم.
[64760]:- من ظ وم، وفي الأصل: كانت.
[64761]:- زيد من ظ وم.
[64762]:- من ظ وم، وفي الأصل: فهم.
[64763]:- في م: دنيا.
[64764]:- في م: الآخرة.
[64765]:- سقط من م.
[64766]:- زيد في الأصل: إن، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[64767]:-زيد في الأصل: وضع، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[64768]:- زيد من ظ وم.
[64769]:- زيد من ظ.
[64770]:- زيدت الواو في الأصل وظ، ولم تكن الزيادة في م فحذفناها.
[64771]:- زيد من ظ وم.
[64772]:- من ظ وم، وفي الأصل: توليه.
[64773]:- سقط ما بين الرقمين من ظ و م.
[64774]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[64775]:- زيد من ظ وم.