في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلۡمَآءَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡجُرُزِ فَنُخۡرِجُ بِهِۦ زَرۡعٗا تَأۡكُلُ مِنۡهُ أَنۡعَٰمُهُمۡ وَأَنفُسُهُمۡۚ أَفَلَا يُبۡصِرُونَ} (27)

وبعد لمسة البلى والدثور ، وما توقعه في الحس من رهبة وروعة ، وما تثيره في القلب من رجفة ورعشة . يلمس قلوبهم بريشة الحياة النابضة في الموات ؛ ويجول بهم جولة في الأرض الميتة تدب فيها الحياة ، كما جال بهم من قبل في الأرض التي كانت حية فأدركها البلى والممات :

أو لم يروا أنا نسوق الماء إلى الأرض الجرز ، فنخرج به زرعا تأكل منه أنعامهم وأنفسهم أفلا يبصرون ? .

فهذه الأرض الميتة البور ، يرون أن يد الله تسوق إليها الماء المحيي ؛ فإذا هي خضراء ممرعة بالزرع النابض بالحياة . الزرع الذي تأكل منه أنعامهم وتأكل منه أنفسهم . وإن مشهد الأرض الجدبة والحيا يصيبها فإذا هي خضراء . . إن هذا المشهد ليفتح نوافذ القلب المغلقة لاستجلاء هذه الحياة النامية واستقبالها ؛ والشعور بحلاوة الحياة ونداوتها ؛ والإحساس بواهب هذه الحياة الجميلة الناضرة ؛ إحساس حب وقربى وانعطاف ؛ مع الشعور بالقدرة المبدعة واليد الصناع ، التي تشيع الحياة والجمال في صفحات الوجود .

وهكذا يطوف القرآن بالقلب البشري في مجالي الحياة والنماء ، بعدما طوف به في مجالي البلى والدثور ، لاستجاشة مشاعره هنا وهناك ، وإيقاظه من بلادة الألفة ، وهمود العادة ؛ ولرفع الحواجز بينه وبين مشاهد الوجود ، وأسرار الحياة ، وعبر الأحداث ، وشواهد التاريخ .

 
أيسر التفاسير لكلام العلي الكبير للجزائري - أبوبكر الجزائري [إخفاء]  
{أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّا نَسُوقُ ٱلۡمَآءَ إِلَى ٱلۡأَرۡضِ ٱلۡجُرُزِ فَنُخۡرِجُ بِهِۦ زَرۡعٗا تَأۡكُلُ مِنۡهُ أَنۡعَٰمُهُمۡ وَأَنفُسُهُمۡۚ أَفَلَا يُبۡصِرُونَ} (27)

شرح الكلمات :

{ أو لم يروا أنا نسوق الماء } : أي أغفلوا ولم يروا سوقنا للماء للإِنبات والإِخصاب فيدلهم ذلك على قدرتنا .

{ إلى الأرض الجرز } : أي اليابسة التي لا نبات فيه .

{ تأكل منه أنعامهم } : أي مواشيهم من إبل وبقر وغنم .

{ أفلا يبصرون } : أي أعموا فلا يبصرون أن القادر على إحياء الأرض بعد موتها قادر على البعث .

{ متى هذا الفتح } : أي الفصل والحكم بيننا وبينكم يستعجلون العذاب .

{ ولا هم ينظرون } : أي ولا هم يمهلون للتوبة أو الاعتذار .

{ وانتظر إنهم منتظرون } : أي وانتظر يا رسولنا ما سيحل بهم من عذاب إن لم يتوبوا فإِنهم منتظرون بك موتاً أو قتلا ليستريحوا منك .

المعنى :

ما زال السياق في تقرير عقيدة البعث والجزاء التي عليها مدار الإِصلاح الاجتماعي فيقول تعالى { أو لم يروا } أي أغفل أولئك المكذبون بالبعث والحياة الثانية ولم يروا { أنا نسوق الماء } ماء الأمطار أو الأنهار { إلى الأرض الجرز } اليابسة التي ما بها من نبات فنخرج بذلك الماء الذي سقناه إليها بتدابيرنا الخاصة { فنخرج به زرعاً تأكل منه أنعامكم } وهي إبلهم وأبقارهم وأغنامهم { وأنفسهم } فالأنعام تأكل الشعير والذرة وهم يأكلون البر والفول ونحوه { أفلا يبصرون } أي أعموا فلا يبصرون آثار قدرة الله على إحياء الموتى بعد الفناء والبلى كإِحياء الأرض الجزر فيؤمنوا بالبعث الآخر وعليه يستقيموا في عقائدهم وكل سلوكهم .

الهداية :

من الهداية :

* تقرير عقيدة البعث والجزاء بذكر الأدلة المقررة لها .