{ الذي يوسوس في صدور الناس } وسوسة الشيطان في صدر الإنسان بأنواع كثيرة : منها إفساد الإيمان ، والتشكيك في العقائد ، فإن لم يقدر على ذلك أمره بالمعاصي ، فإن لم يقدر على ذلك ثبطه عن الطاعات ، فإن لم يقدر على ذلك أدخل عليه الرياء في الطاعات ليحبطها ، فإن سلم من ذلك أدخل عليه العجب بنفسه ، واستكثار عمله ، ومن ذلك أنه يوقد في القلب نار الحسد والحقد والغضب ، حتى يقود الإنسان إلى شر الأعمال ، وأقبح الأحوال ، وعلاج وسوسته بثلاثة أشياء :
واحدها : الإكثار من ذكر الله .
وثانيها : الإكثار من الاستعاذة بالله منه ، ومن أنفع شيء في ذلك قراءة هذه السورة .
وثالثها : مخالفته والعزم على عصيانه .
فإن قيل : لم قال : { في صدور الناس } ولم يقل : في قلوب الناس ؟ فالجواب أن ذلك إشارة إلى عدم تمكن الوسوسة/ وأنها غير حالة في القلب ؛ بل هي محومة في الصدر حول القلب .
ولما ذكر صفة المستعاذ منه ، ذكر إبرازه لصفته بالفعل فقال : { الذي يوسوس } أي يلقي المعاني الضارة على وجه الخفاء والتكرير ، بحيث تصل مفاهيمها من غير سماع ، وأشار إلى كثرة وسوسته بذكر الصدر الذي هو ساحة القلب ومسكنه ، فقال : { في صدور الناس * } أي المضطربين إذا غفلوا عن ذكر ربهم ، فإنها دهاليز القلوب ، منها تدخل الواردات إليها ، وذلك كالقوة الوهمية ، فإن العقل يساعد في المقدمات الحقة المنتجة للأمر المقطوع به ، فإذا وصل الأمر إلى ذلك خنست الواهمة ريثما يفتر العقل عن النتيجة فترة ما ، فتأخذ الواهمة في الوسوسة ، وتقبل منها الطبيعة بما لها بها من مجانسة الظلمة الوهمية ، والناس قال في القاموس : يكون من الإنس ومن الجن ، جمع إنس ، أصله أناس جمع عزيز أدخل عليه أل انتهى ، ولعل إطلاقه على هذين المتقابلين بالنظر إلى النوس الذي أصله الاضطراب والتذبذب ، فيكون منحوتاً من الأصلين : الإنس والنوس ، ومن ثالث وهو النسيان .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.