في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ يُخۡسِرُونَ} (3)

ويعطونها للناس ناقصة إذا كانوا بائعين . .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ يُخۡسِرُونَ} (3)

{ وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ } أي : ينقصون . والأحسن أن يجعل " كالوا " و " وزنوا " متعديا ، ويكون هم في محل نصب ، ومنهم من يجعلها ضميرا مؤكدا للمستتر في قوله : " كالوا " و " وزنوا " ، ويحذف المفعول لدلالة الكلام عليه ، وكلاهما متقارب .

وقد أمر الله - تعالى - بالوفاء في الكيل والميزان ، فقال : { وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلا } [ الإسراء : 35 ] ، وقال : { وَأَوْفُوا الْكَيْلَ وَالْمِيزَانَ بِالْقِسْطِ لا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلا وُسْعَهَا } [ الأنعام : 152 ] ، وقال : { وَأَقِيمُوا الْوَزْنَ بِالْقِسْطِ وَلا تُخْسِرُوا الْمِيزَانَ } [ الرحمن : 9 ] . وأهلك الله قوم شعيب ودَمَّرهم على ما كانوا يبخسون الناس في المكيال والميزان .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ يُخۡسِرُونَ} (3)

وقوله : وَإذَا كالُوهُمْ أوْ وَزَنُوهُمْ يقول : وإذا هم كالوا للناس أو وزنوا لهم . ومن لغة أهل الحجاز أن يقولوا : وزنتك حقك ، وكلتك طعامك ، بمعنى : وزنت لك وكلت لك . ومن وجّه الكلام إلى هذا المعنى ، جعل الوقف على هم ، وجعل هم في موضع نصب . وكان عيسى بن عمر فيما ذُكر عنه يجعلهما حرفين ، ويقف على كالوا ، وعلى وزنوا ، ثم يبتدىء : هم يُخسرون . فمن وجّه الكلام إلى هذا المعنى ، جعل هم في موضع رفع ، وجعل كالوا ووزنوا مكتفيين بأنفسهما .

والصواب في ذلك عندي : الوقف على هم ، لأن كالوا ووزنوا لو كانا مكتفيين ، وكانت هم كلاما مستأنفا ، كانت كتابة كالوا ووزنوا بألف فاصلة بينها وبين هم مع كل واحد منهما ، إذ كان بذلك جرى الكتاب في نظائر ذلك ، إذا لم يكن متصلاً به شيء من كنايات المفعول ، فكتابهم ذلك في هذا الموضع بغير ألف أوضح الدليل على أن قوله : هُمْ إنما هو كناية أسماء المفعول بهم . فتأويل الكلام إذ كان الأمر على ما وصفنا ، على ما بيّنا .

وقوله : يُخْسِرُونَ يقول : ينقصونهم .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَإِذَا كَالُوهُمۡ أَو وَّزَنُوهُمۡ يُخۡسِرُونَ} (3)

فالواوان من { كالوهم أو وزنوهم } عائدان إلى اسم الموصول والضميران المنفصلان عائدان إلى الناس .

وتعدية « كالوا » ، و« وزنوا » إلى الضميرين على حذف لام الجر . وأصله كَالُوا لهم ووزنوا لهم ، كما حذفت اللام في قوله تعالى في سورة البقرة ( 233 ) { وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم } أي تسترضعوا لأولادكم ، وقولهم في المثل الحريصُ يصيدك لا الجوادُ أي الحريص يصيد لك . وهو حذف كثير مثل قولهم : نصحتك وشكرتك ، أصلهما نصحت لك وشكرت لك ، لأن فعل كال وفعل وزن لا يتعديان بأنفسهما إلا إلى الشيء المكيل أو الموزون يقال : كال له طعاماً ووزن له فضة ، ولكثرة دورانه على اللسان خففوه فقالوا : كاله ووزنه طعاماً على الحذف والإِيصال .

قال الفراء : هو من كلام أهل الحجاز ومن جاورهم من قيس يقولون : يكيلنا ، يعني ويقولون أيضاً : كالَ له ووزن له . وهو يريد أن غير أهل الحجاز وقيس لا يقولون : كال له ووزن له ، ولا يقولون إلاّ : كاله ووزنه ، فيكون فعل كال عندهم مثل باع .

والاقتصار على قوله : { إذا اكتالوا } دون أن يقول : وإذا اتَّزنوا كما قال : { وإذا كالوهم أو وزنوهم } اكتفاء بذكر الوزن في الثاني تجنباً لفعل : « اتزنوا » لقلة دورانه في الكلام فكان فيه شيء من الثقل . ولنكتة أخرى وهي أن المطففين هم أهل التجر وهم يأخذون السلع من الجالبين في الغالب بالكيل لأن الجالبين يجلبون التمر والحنطة ونحوهما مما يكال ويدفعون لهم الأثمان عيناً بما يوزن من ذهب أو فضة مسكوكين أو غيرَ مسكوكين ، فلذلك اقتُصر في ابتياعهم من الجالبين على الاكتيال نظراً إلى الغالب ، وذكر في بيعهم للمبتاعين الكيل والوزن لأنهم يبيعون الأشياء كيلاً ويقبضون الأثمان وزناً . وفي هذا إشارة إلى أن التطفيف من عمل تجارهم .

و { يستوفون } جواب { إذا } والاستيفاء أخذ الشيء وافياً ، فالسين والتاء فيه للمبالغة في الفعل مثل : استجاب .

ومعنى { يخسرون } يوقعون الذين كالوا لهم أو وزنوا لهم في الخسارة ، والخسارة النقص من المال من التبايع .

وهذه الآية تحذير للمسلمين من التساهل في التطفيف إذ وجوده فاشياً في المدينة في أول هجرتهم وذم للمشركين من أهل المدينة وأهل مكة .

وحسبهم أن التطفيف يجمع ظلماً واختلاساً ولؤماً ، والعرب كانوا يتعيرون بكل واحد من هذه الخلال متفرّقة ويتبرؤون منها ، ثم يأتونها مجتمعة ، وناهيك بذلك أفناً .