في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} (14)

ونمضي مع نوح في جهاده النبيل الطويل . فنجده يأخذ بقومه إلى آيات الله في أنفسهم وفي الكون من حولهم ، وهو يعجب من استهتارهم وسوء أدبهم مع الله ، وينكر عليهم ذلك الإستهتار :

( ما لكم لا ترجون لله وقارا ? وقد خلقكم أطوارا ? ) . .

والأطوار التي يخاطب بها قوم نوح في ذلك الزمان لا بد أن تكون أمرا يدركونه ، أو أن يكون أحد مدلولاتها مما يملك اولئك القوم في ذلك الزمان أن يدركوه ، ليرجو من وراء تذكيرهم به أن يكون له في نفوسهم وقع مؤثر ، يقودهم إلى الاستجابة . والذي عليه أكثر المفسرين أنها الأطوار الجنينية من النطفة إلى العلقة إلى المضغة إلى الهيكل إلى الخلق الكامل . . وهذا يمكن أن يدركه القوم إذا ذكر لهم . لأن الأجنة التي تسقط قبل اكتمالها في الأرحام يمكن أن تعطيهم فكرة عن هذه الأطوار . وهذا أحد مدلولات هذه الآية . ويمكن أن يكون مدلولها ما يقوله علم الأجنة . من أن الجنين في أول أمره يشبه حيوان الخلية الواحدة ، ثم بعد فترة من الحمل يمثل الجنين شبه الحيوان المتعدد الخلايا . ثم يأخذ شكل حيوان مائي . ثم شكل حيوان ثديي . ثم شكل المخلوق الإنساني . . وهذا أبعد عن إدراك قوم نوح . فقد كشف هذا حديثا جدا . وقد يكون هذا هو مدلول قوله تعالى في موضع آخر بعد ذكر أطوار الجنين : ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين . . كما أن هذا النص وذاك قد تكون لهما مدلولات أخرى لم تتكشف للعلم بعد . . ولا نقيدهما . .

وعلى أية حال فقد وجه نوح قومه إلى النظر في أنفسهم ، وأنكر عليهم أن يكون الله خلقهم أطوارا ، ثم هم بعد ذلك لا يستشعرون في أنفسهم توقيرا للجليل الذي خلقهم . . وهذا أعجب وأنكر ما يقع من مخلوق !

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} (14)

{ وقد خلقكم أطوارا } أي وأنتم تعلمون أنه تعالى خلقكم مدرجا لكم في أدوار متعاقبة ، وحالات مختلفة . والإخلال بتوقير من هذا شأنه مع العلم به مما لا يكاد يصدر عن عاقل ! جمع طور ، وهو المرة والتارة . ويطلق على ما كان على حد الشيء وعلى المقدار . وكل ذلك مناسب للمعنى المراد .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} (14)

أطوارا : في حالات متعددة .

{ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَاراً } مختلفةً فكنتم نطفةً في الأرحام ، ثم علقةً ، ثم مُضغةً ،

ثم عِظاما ، ثم كسا العظام لحماً ، ثم أنشأكم خَلْقاً آخر { فَتَبَارَكَ الله أَحْسَنُ الخالقين } [ المؤمنون : 14 ] .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} (14)

{ وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْوَارًا } أي : خلقا [ من ] بعد خلق ، في بطن الأم ، ثم في الرضاع ، ثم في سن الطفولية ، ثم التمييز ، ثم الشباب ، إلى آخر ما وصل إليه الخلق{[1240]} ، فالذي انفرد بالخلق والتدبير البديع ، متعين أن يفرد بالعبادة والتوحيد ، وفي ذكر ابتداء خلقهم تنبيه لهم على الإقرار بالمعاد ، وأن الذي أنشأهم من العدم قادر على أن يعيدهم بعد موتهم .


[1240]:- في ب: ثم إلى آخر ما يصل إليه الخلق.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} (14)

{ وقد خلقكم أطواراً } تارات ، حالاً بعد حال ، نطفة ثم علقة ثم مضغة إلى تمام الخلق .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} (14)

ثم دلهم على ذلك فقال : " وقد خلقكم أطوارا " أي جعل لكم في أنفسكم آية تدل على توحيده . قال ابن عباس : " أطوارا " يعني نطفة ثم علقة ثم مضغة ، أي طورا بعد طور إلى تمام الخلق ، كما ذكر في سورة " المؤمنون{[15387]} " . والطور في اللغة : المرة ، أي من فعل هذا وقدر عليه فهو أحق أن تعظموه . وقيل : " أطوارا " صبيانا ، ثم شبابا ، ثم شيوخا وضعفاء ، ثم أقوياء . وقيل : أطوارا أي أنواعا : صحيحا وسقيما ، وبصيرا وضريرا ، وغنيا وفقيرا . وقيل : إن " أطوارا " اختلافهم في الأخلاق والأفعال .


[15387]:راجع جـ 12 ص 108.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَقَدۡ خَلَقَكُمۡ أَطۡوَارًا} (14)

ولما كان هذا إشارة إلى الاستدلال على البعث بما يعلمونه من أنفسهم صرح بعد ما لوح ، فقال آتياً بحرف التوقع لأنه مقامه : { وقد } أي والحال أنه قد أحسن إليكم مرة بعد مرة بما لا يقدر عليه غيره ، فدل ذلك على تمام قدرته ، ثم لم يقطع إحسانه عنكم فاستحق أن تؤمنوا به لأنه

{ هل جزاء الإحسان إلا الإحسان }[ الرحمن :60 ] ورجاء لدوام إحسانه وخوفاً من قطعه لأنه { خلقكم } أي أوجدكم من العدم مقدرين { أطواراً * } أي تارات عناصر أولاً ثم مركبات تغذي الحيوان ثم أخلاطاً ثم نطفاً {[68716]}ثم علقاً ثم مضغاً ثم عظاماً ولحوماً وأعصاباً ودماء ، ثم خلقاً آخر{[68717]} تاماً ناطقاً ذكراناً وإناثاً طوالاً وقصاراً بيضاً وسوداً وبين ذلك - {[68718]}إلى غير ذلك{[68719]} من الأمور الدالة على قدرته على كل مقدور ، و{[68720]}من قدر على هذا ابتداء كان على الإعادة أعظم قدرة ، وقد ثبتت حكمته وأنه لم يخلق الخلق سدى بما بان من هذا التطوير على هذه{[68721]} الهيئات العجيبة التي لا قدرة لغيره عليها بوجه ، وهم يتهارجون في هذه الدار تهارج الحمر{[68722]} ، ويموت المظلوم على حاله ، والظالم يبلغ آماله ، فلا بد أن يعيدهم ليفصل بينهم فيظهر حكمته وعدله وإكرامه وفضله ، ولو ترك ذلك لكان نقصاً في ملكه ، ومن قدر على ذلك كان قادراً على الجزاء بالثواب والعقاب ، فهو أهل لأن يخشى ويرجى .


[68716]:- ومن هنا نستأنف نسخة الأصل.
[68717]:- من ظ وم، وفي الأصل: يامر ذاكرا ناطقا- كذا.
[68718]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[68719]:- سقط ما بين الرقمين من ظ.
[68720]:- زيد من ظ وم.
[68721]:- من ظ وم، وفي الأصل: هذا.
[68722]:- من ظ وم، وفي الأصل: الهجر.