في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينٗاۚ ذَٰلِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4)

1

ثم يتابع بيان الحكم فيه :

فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا . فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا ) . . .

ثم التعقيب للبيان والتوجيه :

( ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله ) . . . وهم مؤمنون . . ولكن هذا البيان ، وهذه الكفارات وما فيها من ربط أحوالهم بأمر الله وقضائه . . ذلك مما يحقق الإيمان ، ويربط به الحياة ؛ ويجعل له سلطانا بارزا في واقع الحياة . ( وتلك حدود الله ) . . أقامها ليقف الناس عندها لا يتعدونها . وهو يغضب على من لا يرعاها ولا يتحرج دونها : ( وللكافرين عذاب أليم ) . . بتعديهم وتحديهم وعدم إيمانهم وعدم وقوفهم عند حدود الله كالمؤمنين . .

 
صفوة البيان لحسين مخلوف - حسنين مخلوف [إخفاء]  
{فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينٗاۚ ذَٰلِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4)

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينٗاۚ ذَٰلِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4)

حدود الله : شريعته وأحكامه .

فالذي لا يستطيع أن يعتق عبداً عليه أن يصوم شهرين متتابعين من قبلِ أن يمسّ زوجته .

3- { فَمَن لَّمْ يَسْتَطِعْ فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِيناً } .

فمن لم يستطع أن يصوم شهرين متتابعين لعذرٍ شرعي ، فعليه أن يطعمَ ستين مسكيناً من الطعام المتعارف عليه .

ذلك الذي بينّاه وشرعناه لتؤمنوا بالله ورسوله ، وتعملوا بما شرعنا لكم . وهذا تسهيل من الله على عباده ولطفِهِ بهم ، وتلك حدود الله فلا تتجاوزوها { وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } ، وفي هذا تهديد كبير .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينٗاۚ ذَٰلِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4)

{ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ } رقبة يعتقها ، بأن لم يجدها أو [ لم ] يجد ثمنها { ف } عليه { صيام شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا فَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ } الصيام { فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا } إما بأن يطعمهم من قوت بلده ما يكفيهم ، كما هو قول كثير من المفسرين ، وإما بأن يطعم كل مسكين مُدَّ بُرٍّ أو نصف صاع من غيره مما يجزي في الفطرة ، كما هو قول طائفة أخرى .

ذلك الحكم الذي بيناه لكم ، ووضحناه لكم { لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ } وذلك بالتزام هذا الحكم وغيره من الأحكام ، والعمل به ، فإن التزام أحكام الله ، والعمل بها من الإيمان ، [ بل هي المقصودة ] ومما يزيد به الإيمان{[1006]}  ويكمل وينمو .

{ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ } التي تمنع من الوقوع فيها ، فيجب أن لا تتعدى ولا يقصر عنها .

{ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ } وفي هذه الآيات ، عدة أحكام :

منها : لطف الله بعباده واعتناؤه بهم ، حيث ذكر شكوى هذه المرأة المصابة ، وأزالها ورفع عنها البلوى ، بل رفع البلوى بحكمه العام لكل من ابتلي بمثل هذه القضية .

ومنها : أن الظهار مختص بتحريم الزوجة ، لأن الله قال { مِنْ نِسَائِهِمْ } فلو حرم أمته ، لم يكن [ ذلك ] ظهارا ، بل هو من جنس تحريم الطعام والشراب ، تجب فيه كفارة اليمين فقط .

ومنها : أنه لا يصلح الظهار من امرأة قبل أن يتزوجها ، لأنها لا تدخل في نسائه وقت الظهار ، كما لا يصح طلاقها ، سواء نجز ذلك أو علقه .

ومنها : أن الظهار محرم ، لأن الله سماه منكرا [ من القول ] وزورا .

ومنها : تنبيه الله على وجه الحكم وحكمته ، لأن الله تعالى قال : { مَا هُنَّ أُمَّهَاتِهِمْ } .

ومنها : أنه يكره للرجل أن ينادي زوجته ويسميها{[1007]}  باسم محارمه ، كقوله { يا أمي } { يا أختي } ونحوه ، لأن ذلك يشبه المحرم .

ومنها : أن الكفارة إنما تجب بالعود لما قال المظاهر ، على اختلاف القولين السابقين لا بمجرد الظهار .

ومنها : أنه يجزئ في كفارة الرقبة ، الصغير والكبير ، والذكر والأنثى ، لإطلاق الآية في ذلك .

ومنها : أنه يجب إخراجها{[1008]} إن  كانت عتقا أو صياما قبل المسيس ، كما قيده الله ، بخلاف كفارة الإطعام ، فإنه يجوز المسيس والوطء في أثنائها .

ومنها : أنه لعل الحكمة في وجوب الكفارة قبل المسيس ، أن ذلك أدعى لإخراجها ، فإنه إذا اشتاق إلى الجماع ، وعلم أنه لا يمكن من ذلك إلا بعد الكفارة ، بادر لإخراجها .

ومنها : أنه لا بد من إطعام ستين مسكينا ، فلو جمع طعام ستين مسكينا ، ودفعها لواحد أو أكثر من ذلك ، دون الستين لم يجز ذلك ، لأن الله قال : { فَإِطْعَامُ سِتِّينَ مِسْكِينًا } .


[1006]:- في ب: ويزداد به الإيمان.
[1007]:- في ب: ويدعوها
[1008]:- في ب: إذا.
 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينٗاۚ ذَٰلِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4)

قوله تعالى : { فمن لم يجد } يعني الرقبة ، { فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا } فإن كانت له رقبة إلا أنه محتاج إلى خدمته ، أو له ثمن رقبة لكنه محتاج إليه لنفقته ونفقة عياله فله أن ينتقل إلى الصوم ، وقال مالك والأوزاعي : يلزمه الإعتاق إذا كان واجداً للرقبة أو ثمنها وإن كان محتاجاً إليه . وقال أبو حنيفة : إن كان واجداً لعين الرقبة يجب عليه إعتاقها ، وإن كان محتاجاً إليها ، فأما إذا كان واجداً لثمن الرقبة وهو محتاج إليه فله أن يصوم ، فلو شرع المظاهر في صوم شهرين ثم جامع في خلال الشهر بالليل يعصي الله تعالى بتقديم الجماع على الكفارة ، ولكن لا يجب عليه استئناف الشهرين ، وعند أبي حنيفة يجب عليه استئناف الشهرين . قوله عز وجل : { فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا } يعني المظاهر إذا لم يستطع الصوم لمرض أو كبر أو فرط شهوة لا يصبر عن الجماع يجب عليه إطعام ستين مسكيناً .

أخبرنا أبو عبد الله بن محمد بن الفضل الخرقي ، أنبأنا أبو الحسن علي بن عبد الله الطيسفوني ، أنبأنا عبد الله بن عمر الجوهري ، حدثنا أحمد بن علي الكشمهيني حدثنا علي بن حجر ، أنبأنا إسماعيل بن جعفر ، عن محمد بن أبي حرملة ، عن عطاء بن يسار " أن خولة بنت ثعلبة كانت تحت أوس بن الصامت ، فظاهر منها وكان به لمم ، فجاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت : إن أوساً ظاهر مني ، وذكرت أن به لمماً فقالت : والذي بعثك بالحق ما جئتك إلا رحمة إن له في منافع ، فأنزل الله القرآن فيهما . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : مريه فليعتق رقبة ، قالت : والذي بعثك بالحق ما عنده رقبة ولا ثمنها ، قال : مريه فليصم شهرين متتابعين ، فقالت : والذي بعثك بالحق لو كلفته ثلاثة أيام ما استطاع ، قال : مريه فليطعم ستين مسكيناً ، قالت : والذي بعثك بالحق ما يقدر عليه ، قال : مريه فليذهب إلى فلان بن فلان فقد أخبرني أن عنده شطر تمر صدقةً ، فليأخذه صدقة عليه ثم ليتصدق به على ستين مسكينا " . وروى سليمان بن يسار عن سلمة بن صخر قال : " كنت امرأ أصيب من النساء ما لم يصب غيري فلما دخل شهر رمضان خفت أن أصيب من امرأتي شيئاً فظاهرت منها حتى ينسلخ شهر رمضان ، فبينما هي تحدثني ذات ليلة إذ تكشف لي منها شيء فلم ألبث أن وقعت عليها ، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : أنت بذاك ، فقلت : أنا بذاك -قاله ثلاثاً- قلت : أنا بذاك وها أنا ذا فأمض في حكم الله ، فإني صابر لذلك ، قال : فاعتق رقبة . فضربت صفحة عنقي بيدي فقلت : لا والذي بعثك بالحق ما أملك غيرها ، قال : فصم شهرين متتابعين ، فقلت : يا رسول الله وهل أصابني ما أصابني إلا من الصيام ؟ قال : فأطعم ستين مسكيناً ، قلت : والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وحشيا ، ما لنا عشيا ، قال : اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك ، فأطعم عنك منها وسقاً ستين مسكيناً ، ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك . قال : فرجعت إلى قومي فقلت : وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ، ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة والبركة ، أمر لي بصدقتكم فادفعوها إلي ، قال : فدفعوها إليه " . { ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله } لتصدقوا ما أتى به الرسول صلى الله عليه وسلم من الله عز وجل ، { وتلك حدود الله } يعني ما وصف من الكفارات في الظهار ، { وللكافرين عذاب أليم } قال ابن عباس : لمن جحده وكذب به .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينٗاۚ ذَٰلِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4)

{ فمن لم يجد } الرقبة لفقرة { فصيام شهرين متتابعين } لو أفطر فيما بين ذلك بطل التتابع ويجب عليه الاستئناف { فمن لم يستطع } ذلك لمرض أو لخوف مشقة عظيمة { فإطعام ستين مسكينا } لكل مسكين مد من غالب القوت { ذلك } أي الفرض الذي وصفنا { لتؤمنوا بالله ورسوله } لتصدقوا ما أتى به الرسول عليه السلام وتصدقوا أن الله تعالى به أمر { وتلك حدود الله } يعني ما وصف في الظهار والكفارة { وللكافرين } لمن لم يصدق به { عذاب أليم } .

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينٗاۚ ذَٰلِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4)

السابعة- من لم يجد الرقبة ولا ثمنها ، أو كان مالكا لها إلا أنه شديد الحاجة إليها لخدمته ، أو كان مالكا لثمنها إلا أنه يحتاج إليه لنفقته ، أو كان له مسكن ليس له غيره ولا يجد شيئا سواه ، فله أن يصوم عند الشافعي . وقال أبو حنيفة : لا يصوم وعليه عتق ولو كان محتاجا إلى ذلك . وقال مالك : إذا كان له دار وخادم لزمه العتق فإن عجز عن الرقبة ، وهي :

الثامنة- فعليه صوم شهرين متتابعين . فإن أفطر في أثنائهما بغير عذر استأنفهما ، وإن أفطر لعذر من سفر أو مرض ، فقيل : يبني ، قاله ابن المسيب والحسن وعطاء بن أبي رباح وعمر وبن دينار والشعبي ، وهو أحد قولي الشافعي وهو الصحيح من مذهبيه ، وقال مالك : إنه إذا مرض في صيام كفارة الظهار بنى إذا صح ، ومذهب أبي حنيفة رضي الله عنه أنه يبتدئ وهو أحد قولي الشافعي .

التاسعة- إذا ابتدأ الصيام ثم وجد الرقبة أتم الصيام وأجزأه عند مالك والشافعي ، لأنه بذلك أمر حين دخل فيه . ويهدم الصوم ويعتق عند أبي حنيفة وأصحابه ، قياسا على الصغيرة المعتدة بالشهور ترى الدم قبل انقضائها ، فإنها تستأنف الحيض إجماعا من العلماء . وإذا ابتدأ سفرا في صيامه فأفطر{[14762]} ، ابتدأ الصيام عند مالك والشافعي وأبي حنيفة ، لقوله : " متتابعين " . ويبني في قول الحسن البصري ؛ لأنه عذر وقياسا{[14763]} على رمضان ، فإن تخللها زمان لا يحل صومه في الكفارة كالعيدين وشهر رمضان انقطع .

العاشرة- إذا وطئ المتظاهر في خلال الشهرين نهارا ، بطل التتابع في قول الشافعي ، وليلا فلا يبطل ، لأنه ليس محلا للصوم . وقال مالك وأبو حنيفة : يبطل بكل حال ووجب عليه ابتداء الكفارة ، لقوله تعالى : " من قبل أن يتماسا " وهذا الشرط عائد إلى جملة الشهرين ، وإلى أبعاضهما ، فإذا وطئ قبل انقضائهما فليس هو الصيام المأمور به ، فلزمه استئنافه ، كما لو قال : صل قبل أن تكلم زيدا . فكلم زيدا في الصلاة ، أو قال : صل قبل أن تبصر زيدا فأبصره في الصلاة لزمه استئنافها ؛ لأن هذه الصلاة ليست هي الصلاة المأمور بها كذلك هذا ، والله أعلم .

الحادية عشرة- ومن تطاول مرضه طولا لا يرجى برؤه كان بمنزلة العاجز من كبر ، وجاز له العدول عن الصيام إلى الإطعام ، ولو كان مرضه مما يرجى برؤه واشتدت حاجته إلى وطء امرأته كان الاختيار له أن ينتظر البرء حتى يقدر على الصيام ، ولو كفر بالإطعام ولم ينتظر القدرة على الصيام أجزأه .

الثانية عشرة- ومن تظاهر وهو معسر ثم أيسر لم يجزه الصوم ، ومن تظاهر وهو موسر ثم أعسر قبل أن يكفر صام ، وإنما ينظر إلى حال يوم يكفر ، ولو جامعها في عدمه وعسره ولم يصم حتى أيسر لزمه العتق ، ولو ابتدأ بالصوم ثم أيسر فإن كان مضى من صومه صدر صالح نحو الجمعة وشبهها تمادى ، وإن كان اليوم واليومين ونحوهما ترك الصوم وعاد إلى العتق وليس ذلك بواجب عليه ، ألا ترى أنه غير واجب على من طرأ الماء عليه وهو قد دخل بالتيمم في الصلاة أن يقطع ويبتدئ الطهارة عند مالك .

ولو أعتق رقبتين عن كفارتي ظهار أو قتل أو فطر في رمضان وأشرك بينهما في كل واحدة منهما لم يجزه . وهو بمنزلة من أعتق رقبة واحدة عن كفارتين . وكذلك لو صام عنهما أربعة أشهر حتى يصوم عن كل واحدة منهما شهرين . وقد قيل : إن ذلك يجزيه . ولو ظاهر من امرأتين له فأعتق رقبة عن إحداهما بغير عينها لم يجز له وطء واحدة منهما حتى يكفر كفارة أخرى . ولو عين الكفارة عن إحداهما جاز له أن يطأها قبل أن يكفر الكفارة عن الأخرى . ولو ظاهر من أربع نسوة فأعتق عنهن ثلاث رقاب ، وصام شهرين ، لم يجزه العتق ولا الصيام ، لأنه إنما صام عن كل واحدة خمسة عشر يوما ، فإن كفر عنهن بالإطعام جاز أن يطعم عنهن مائتي مسكين ، وإن لم يقدر فرق بخلاف العتق والصيام ؛ لأن صيام الشهرين لا يفرق والإطعام يفرق .

فصل وفيه ست مسائل :

الأولى : ذكر الله عز وجل الكفارة هنا مرتبة ، فلا سبيل إلى الصيام إلا عند العجز عن الرقبة ، وكذلك لا سبيل إلى الإطعام إلا عند عدم الاستطاعة على الصيام ، فمن لم يطق الصيام وجب عليه إطعام ستين مسكينا لكل مسكين مدان بمد النبي صلى الله عليه وسلم ، وإن أطعم مدا بمد هشام ، وهو مدان إلا ثلثا ، أو أطعم مدا ونصفا بمد النبي صلى الله عليه وسلم .

قال أبو عمر بن عبدالبر : وأفضل ذلك مدان بمد النبي صلى الله عليه وسلم ؛ لأن الله عز وجل لم يقل في كفارة الظهار " من أوسط ما تطعمون{[14764]} " [ المائدة : 89 ] فواجب قصد الشبع . قال ابن العربي : وقال مالك في رواية ابن القاسم وابن عبدالحكم : مد بمد هشام وهو الشبع ها هنا ؛ لأن الله تعالى أطلق الطعام ولم يذكر الوسط . وقال في رواية أشهب : مدان بمد النبي صلى الله عليه وسلم{[14765]} : قيل له : ألم تكن قلت مد هشام ؟ قال : بلى ، مدان بمد النبي صلى الله عليه وسلم أحب إلي . وكذلك قال عنه ابن القاسم أيضا .

قلت : وهي رواية ابن وهب ومطرف عن مالك : أنه يعطي مدين لكل مسكين بمد النبي صلى الله عليه وسلم ، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه ، ومذهب الشافعي وغيره مد واحد لكل مسكين لا يلزمه أكثر من ذلك ، لأنه يكفر بالإطعام ولم يلزمه صرف زيادة على المد ، أصله كفارة الإفطار واليمين ، ودليلنا قوله تعالى : { فإطعام ستين مسكينا } وإطلاق الإطعام يتناول الشبع ، وذلك لا يحصل بالعادة بمد واحد إلا بزيادة عليه ، وكذلك قال أشهب : قلت لمالك أيختلف الشبع عندنا وعندكم ؟ قال نعم ! الشبع عندنا مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم والشبع عندكم أكثر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لنا بالبركة دونكم ، فأنتم تأكلون أكثر مما نأكل نحن . وقال أبو الحسن القابسي : إنما أخذ أهل المدينة بمد هشام في كفارة الظهار تغليظا على المتظاهرين الذين شهد الله عليهم أنهم يقولون منكرا من القول وزورا . قال ابن العربي : وقع الكلام ها هنا في مد هشام كما ترون ، ووددت أن يهشم الزمان ذكره ، ويمحو من الكتب رسمه ، فإن المدينة التي نزل الوحي بها واستقر الرسول بها ووقع عندهم الظهار ، وقيل لهم فيه : { فإطعام ستين مسكينا } فهموه وعرفوا المراد به وأنه الشبع ، وقدره معروف عندهم متقرر لديهم ، وقد ورد ذلك الشبع في الأخبار كثيرا ، واستمرت الحال على ذلك أيام الخلفاء الراشدين المهديين حتى نفخ الشيطان في أذن هشام ، فرأى أن مد النبي صلى الله عليه وسلم لا يشبعه ، ولا مثله من حواشيه ونظرائه ، فسول له أن يتخذ مدا يكون فيه شبعه ، فجعله رطلين وحمل الناس عليه ، فإذا ابتَلَّ عاد نحو الثلاثة الأرطال ، فغير السنة وأذهب محل البركة . قال النبي صلى الله عليه وسلم حين دعا ربه لأهل المدينة بأن تبقى لهم البركة في مدهم وصاعهم ، مثل ما بارك لإبراهيم بمكة ، فكانت البركة تجري بدعوة النبي صلى الله عليه وسلم في مده ، فسعى الشيطان في تغيير هذه السنة وإذهاب هذه البركة ، فلم يستجب له في ذلك إلا هشام ، فكان من حق العلماء أن يلغوا{[14766]} ذكره ويمحوا رسمه إذا لم يغيروا أمره ، وأما أن يحيلوا على ذكره في الأحكام ، ويجعلوه تفسيرا لما ذكر الله ورسول بعد أن كان مفسرا عند الصحابة الذين نزل عليهم فخطب جسيم ، ولذلك كانت رواية أشهب في ذكر مدين بمد النبي صلى في كفارة الظهار أحب إلينا من الرواية بأنها بمد هشام . ألا ترى كيف نبه مالك على هذا العلم بقوله لأشهب : الشبع عندنا بمد النبي صلى الله عليه وسلم ، والشبع عندكم أكثر لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لنا بالبركة ، وبهذا أقول ، فإن العبادة إذا أديت بالسنة ، فإن كانت بالبدن كانت أسرع إلى القبول ، وإن كانت بالمال كان قليلها أثقل في الميزان ، وأبرك في يد الآخذ ، وأطيب في شدقه ، وأقل آفة في بطنه ، وأكثر إقامة لصلبه{[14767]} ، والله أعلم{[14768]} .

الثانية : ولا يجزئ عند مالك والشافعي أن يطعم أقل من ستين مسكينا . وقال أبو حنيفة وأصحابه : إن أطعم مسكينا واحدا كل يوم نصف صاع حتى يكمل العدد أجزأه .

الثالثة : قال القاضي أبو بكر بن العربي : من غريب الأمر أن أبا حنيفة قال إن الحَجْر على الحر باطل . واحتج بقوله تعالى : " فتحرير رقبة " ولم يفرق بين الرشيد والسفيه ، وهذا فقه ضعيف لا يناسب قدره ، فإن هذه الآية عامة ، وقد كان القضاء بالحجر في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشيا والنظر يقتضيه ، ومن كان عليه حجر لصغر أو لولاية وبلغ سفيها قد نهي عن دفع المال إليه ، فكيف ينفذ فعله فيه والخاص يقضي على العام .

الرابعة : وحكم الظهار عند بعض العلماء ناسخ لما كانوا عليه من كون الظهار طلاقا ، وقد روي معنى ذلك عن ابن عباس وأبي قلابة وغيرهما .

الخامسة- قوله تعالى : { ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله } أي ذلك الذي وصفنا من التغليظ في الكفارة " لتؤمنوا " أي لتصدقوا أن الله أمر به . وقد استدل بعض العلماء على أن هذه الكفارة إيمان بالله سبحانه وتعالى ، لما ذكرها وأوجبها قال : { ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله }أي ذلك لتكونوا مطيعين لله تعالى واقفين عند حدوده لا تتعدوها ، فسمى التكفير لأنه طاعة ومراعاة للحد إيمانا ، فثبت أن كل ما أشبهه فهو إيمان . فإن قيل : معنى قوله : { ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله } أي لئلا تعودوا للظهار الذي هو منكر من القول وزور ، وقيل له : قد يجوز أن يكون هذا مقصودا والأول مقصودا ، فيكون المعنى ذلك لئلا تعودوا للقول المنكر والزور ، بل تدعونهما طاعة لله سبحانه وتعالى إذ كان قد حرمهما ، ولتجتنبوا المظاهر منها إلى أن تكفروا ، إذ كان الله منع من مسيسها ، وتكفروا إذ كان الله تعالى أمر بالكفارة وألزم إخراجها منكم ، فتكونوا بهذا كله مؤمنين بالله ورسوله ، لأنها حدود تحفظونها ، وطاعات تؤدونها والطاعة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم إيمان . وبالله التوفيق . السادسة- " وتلك حدود الله " أي بين معصيته وطاعته ، فمعصيته الظهار وطاعته الكفارة . " وللكافرين عذاب أليم " أي لمن لم يصدق بأحكام الله تعالى عذاب جهنم .


[14762]:لفظة "فأفطر" ساقطة من ز، ل.
[14763]:ما بين المربعين ساقط من ح، ز، س، هـ، ل.
[14764]:راجع جـ 6 ص 265.
[14765]:ما بين المربعين ساقط من ا والأصل المطبوع.
[14766]:في ل: "يدعوا" بدل "يلغوا".
[14767]:في ح، ز، س، هـ: "لقلبه".
[14768]:في ح، ز، س، ل، هـ: "والله الموفق لا رب غيره".
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينٗاۚ ذَٰلِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4)

ولما كانت الكفارة مرتبة ، وكان المظاهر كأنه قد قتل نفسه بقتل المظاهر عنها كما مضى ، فكان مفتقراً إلى ما يحيي{[63120]} نفسه فشرع له العتق الذي هو كالإحياء ، شرع له عند العجز عنه ما يميت نفسه التي{[63121]} إماتتها له إحياؤها ، وكان الشهران نصف المدة التي ينفخ فيها الروح ، فكان صومها كنصف قتل النفس التي قتلها إحياء الروح وإنعاش العقل ، فكان كأنه إماتتها{[63122]} فجعله سبحانه بدلاً عن القتل الذي هو كالإحياء فقال : { فمن لم يجد } أي الرقبة المأمور بها بأن{[63123]} كان فقيراً ، فإن كان غنياً وماله غائب فهو واجد { فصيام } أي فعليه صيام { شهرين } . ولما كان المراد كسر النفس كما مضى ، وكانت المتابعة أنكى ولذلك{[63124]} سمي رمضان شهر الصبر ، قيد بقوله : { متتابعين } أي على أكمل وجوه التتابع على حسب الإمكان بما أشار إليه الإظهار ، فلو قطع التتابع بشيء ما ولو كان بنسيان النية وجب عليه الاستئناف والإغماء لا يقطع التتابع لأنه ليس في الوسع وكذا{[63125]} الإفطار بحيض أو نفاس أو جنون بخلاف الإفطار بسفر أو مرض{[63126]} أو خوف{[63127]} على حمل أو رضيع لأن الحيض معلوم فهو مستثنى شرعاً ، وغيره مغيب للعقل{[63128]} - مزيل للتكليف ، وأما المرض ونحوه ففيه تعمد الإفطار مع وجود العقل .

ولما كان الإمساك عن المسيس قد يكون أوسع من الشهرين ، أدخل الجار فقال : { من قبل } وحل المصدر إفادة{[63129]} لمن يكون بعد المظاهرة فقال : { أن يتماسا } فإن جامع ليلاً عصى ولم ينقطع التتابع . ولما كان إطعام نفس قوت نصف يوم كإماتة نفسه بالصيام يوماً قال تعالى : { فمن لم يستطع } أي يقدر على الصيام قدرة تامة - بما أشار إليه إظهار التاء لهرم أو مرض أو شبق مفرط يهيجه{[63130]} الصوم { فإطعام } أي فعليه إطعام { ستين مسكيناً } لكل مسكين ما يقوته نصف يوم ، وهو مد بمد النبي صلى الله عليه وسلم وذلك نحو نصف قدح بالمصري ، وهو ملء حفنتين بكفي معتدل الخلق{[63131]} من غالب قوت البلد ، وهو كما في الفطرة سواء ، وحذف قيد المماسة لذكره في الأولين ، ولعل الحكمة في تخصيص هذا به أن ذكره في أول الخصال لا بد منه ، وإعادته{[63132]} في الثاني لطول مدته فالصبر عنه فيها{[63133]} مشقة ، وهذا يمكن أن يفعل في لحظة لطيفة لا مشقة للصبر فيها عن المماسة ، هذا إذا عاد ، فإن وصل الظهار بالطلاق أو مات أحدهما في الحال قبل إمكان الطلاق فلا كفارة ، قال البغوي{[63134]} : لأن العود{[63135]} في القول{[63136]} هو المخالفة ، وفسر ابن عباس رضي الله عنهما العود بالندم فقال : يندمون ويرجعون إلى الألفة ، وهذا يدل على ما قال الشافعي رضي الله عنه : فإن ظاهر عن{[63137]} الرجعية انعقد ظهاره{[63138]} فإن راجعها لزمته الكفارة لأن الرجعة عود .

ولما ذكر الحكم ، بين علته ترغيباً فيه فقال : { ذلك } أي الترخيص العظيم لكم والرفق بكم والبيان الشافي {[63139]}من أمر{[63140]} الله الذي هو موافق للحنيفية السمحة ملة أبيكم إبراهيم عليه الصلاة والسلام كان { لتؤمنوا } أي{[63141]} وهذا الفعل العظيم الشاق ليتجدد إيمانكم ويتحقق وجوده { بالله } أي الملك الذي لا أمر لأحد معه فتطيعوه بالانسلاخ من فعل الجاهلية { ورسوله } الذي تعظيمه من تعظيمه وقد بعث بملة أبيه{[63142]} إبراهيم عليهما الصلاة والسلام ، فلو ترك هذا الحكم الشديد على ما كان عليه في الجاهلية لكان مشككاً في البعث بتلك الملة السمحة .

ولما رغب في هذا الحكم ، رهب من التهاون به فقال : { وتلك } أي{[63143]} هذه الأفعال المزكية وكل ما سلف من أمثالها في هذا الكتاب الأعظم { حدود الله } أي أوامر الملك الأعظم ونواهيه وأحكامه{[63144]} التي يجب امتثالها والتقيد بها لترعى حق رعايتها فالتزموها{[63145]} وقفوا عندها ولا تعتدوها{[63146]} فإنه لا يطاق انتقامه إذا تعدى نقضه أو{[63147]} إبرامه ، ولما كان التقدير : فللمؤمنين بها جنات النعيم ، عطف عليه قوله { وللكافرين } أي العريقين في الكفر بها{[63148]} أو بشيء من شرائعه { عذاب أليم * } بما آلموا المؤمنين به من الاعتداء .


[63120]:- زيد في الأصل: به، ولم تكن الزيادة في ظ و م فحذفناها.
[63121]:- من ظ وم، وفي الأصل: الذي.
[63122]:- من ظ وم ، وفي الأصل: أماتها.
[63123]:- من م، وفي الأصل وط: أن.
[63124]:- زيد في الأصل: شهر رمضان.
[63125]:- من ظ و م، وفي الأصل: كذلك.
[63126]:- من ظ وم، وفي الأصل: خوف أو مرض أو خوف.
[63127]:- زيد في الأصل: شهر رمضان.
[63128]:- زيد من ظ و م.
[63129]:- من ظ و م، وفي الأصل: إعادة.
[63130]:- من م، وفي الأصل وظ: وهيجه.
[63131]:- من م، وفي الأصل و ظ: الخلقة.
[63132]:- من ظ وم، وفي الأصل: إعتاقه.
[63133]:- في ظ: فيه.
[63134]:- راجع المعالم بهامش اللباب 7/ 38.
[63135]:- في المعالم: للقول.
[63136]:- في المعالم: للقول.
[63137]:- زيد من المعالم.
[63138]:- من ظ وم، وفي الأصل: ظاهرة.
[63139]:- من ظ وم ، وفي الأصل: لأمر.
[63140]:- من ظ وم ، وفي الأصل: لأمر.
[63141]:- زيد من ظ وم.
[63142]:-زيد من ظ و م.
[63143]:- زيدت الواو في الأصل ولم تكن في ظ و م فحذفناها.
[63144]:-من ظ وم، وفي الأصل: أحكامها.
[63145]:- من ظ وم، وفي الأصل: فالتزموا.
[63146]:- من ظ و م، وفي الأصل: ولا تتعدوها.
[63147]:- من ظ وم، وفي الأصل "و".
[63148]:- زيد من م.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَمَن لَّمۡ يَجِدۡ فَصِيَامُ شَهۡرَيۡنِ مُتَتَابِعَيۡنِ مِن قَبۡلِ أَن يَتَمَآسَّاۖ فَمَن لَّمۡ يَسۡتَطِعۡ فَإِطۡعَامُ سِتِّينَ مِسۡكِينٗاۚ ذَٰلِكَ لِتُؤۡمِنُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۚ وَتِلۡكَ حُدُودُ ٱللَّهِۗ وَلِلۡكَٰفِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (4)

قوله : { فمن لم يجد فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا } إذا لم يجد المظاهر من امرأته رقبة يعتقها وليس عنده ثمنها ، أو كان عنده ثمنها وهو محتاج إليه لنفقته على نفسه وعياله فله أن يصوم ، وهو قول الشافعية ، وعند الحنفية لا يجزيه غير العتق ما دام يجد الرقبة .

وبذلك على المظاهر غير الواجد للرقبة أن يصوم شهرين متتابعين من غير فصل بينهما بإفطار ، فإن أفطر في أثنائهما بغير عذر استأنف صيام الشهرين وإن أفطر لعذر كمرض أو سفر أو نحوهما فإنه يبني على صيامه ولا يستأنف وهو الصحيح من مذهب الشافعية ، وعند الحنفية يستأنف الصيام سواء أفطر بينهما أو بغير عذر ، وهو أحد القولين للإمام الشافعي .

قوله : { فمن لم يستطع فإطعام ستين مسكينا } من لم يطق من المظاهرين من نسائهم الصيام فعليه إطعام ستين مسكينا ، لكل واحد منهم مدّان بمدّ النبي صلى الله عليه وسلم وهو قول المالكية ، وعند الشافعية لكل مسكين مدّ من طعام بلده المقتات سواء كان حنطة أو شعيرا أو أرزا أو تمرا أو إقطا ، وعند الحنفية ، لكل مسكين نصف صاع من بر أو صاع من تمر أو شعير .

قوله : { ذلك لتؤمنوا بالله ورسوله } أي هذا الذي فرضه الله على المظاهر من الكفارة الغليظة ، لتوقنوا أن الله قد أمر به وشرعه وكيلا تعودوا للظهار وهو منكر من القول وزور .

قوله : { وتلك حدود الله } حدود الله ، ، أحكامه من الفروض والنواهي ، فقد بينها الله لكم فلا تعتدوها { وللكافرين عذاب أليم } ذلك وعيد من الله لمن جحد أحكام ربه فلم يطع أمره ، وعصاه فإنه يصلى العذاب في جهنم {[4476]} .


[4476]:تفسير الطبري جـ 28 ص 9 وتفسير ابن كثير جـ 4 ص 321 وأحكام القرآن للجصاص جـ 5 ص 312، 313 وتفسير القرطبي جـ 17 ص 280.