الحلقة الثانية من حلقات القصة ، وقد وصل يوسف إلى مصر ، وبيع بيع الرقيق ، ولكن الذي اشتراه توسم فيه الخير - والخير يتوسم في الوجوه الصباح ، وبخاصة حين تصاحبها السجايا الملاح - فإذا هو يوصي به امرأته خيرا ، وهنا يبدأ أول خيط في تحقيق الرؤيا .
ولكن محنة أخرى من نوع آخر كانت تنتظر يوسف حين يبلغ أشده ، وقد أوتي حكما وعلما يستقبل بهما هذه المحنة الجارفة التي لايقف لها إلا من رحم الله . إنها محنة التعرض للغواية في جو القصور ، وفي جو ما يسمونه " الطبقة الراقية " وما يغشاها من استهتار وفجور . . ويخرج يوسف منها سليما معافى في خلقه وفي دينه ، ولكن بعد أن يخالط المحنة ويصلاها . .
( وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته : أكرمي مثواه ، عسى أن ينفعا أو نتخذه ولدا . وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ، ولنعلمه من تأويل من الأحاديث ، والله غالب على أمره ، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) . .
إن السياق لا يكشف لنا حتى الآن عمن اشتراه ، وسنعلم بعد شوط في القصة أنه عزيز مصر [ قيل : إنه كبير وزرائها ] ولكن نعلم منذ اللحظة أن يوسف قد وصل إلى مكان آمن ، وان المحنة قد انتهت بسلام ، وأنه مقبل بعد هذا على خير :
والمثوى مكان الثوي والمبيت والإقامة ، والمقصود بإكرام مثواه إكرامه ، ولكن التعبير أعمق ، لأنه يجعل الإكرام لا لشخصه فحسب ، ولكن لمكان إقامته . . وهي مبالغة في الإكرام . في مقابل مثواه في الجب وما حوله من مخاوف وآلام !
ويكشف الرجل لامرأته عما يتوسمه في الغلام من خير ، وما يتطلع إليه فيه من أمل :
( عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا ) . .
ولعلهما لم يكن لهما أولاد كما تذكر بعض الروايات . ومن ثم تطلع الرجل أن يتخذاه ولدا إذا صدقت فراسته ، وتحققت مخايل نجابته وطيبته مع وسامته .
وهنا يقف السياق لينبه إى أن هذا التدبير من الله ، وبه وبمثله قدر ليوسف التمكين في الأرض - وها قد بدأت بشائره بتمكين يوسف في قلب الرجل وبيته - ويشير إلى أنه ماض في الطريق ليعلمه الله من تأويل الأحاديث - على الوحهين اللذين ذكرناهما من قبل - ويعقب السياق على هذا الابتداء في تمكين يوسف بما يدل عليه من أن قدرة الله غالبة ، لا تقف في طريقها قوة ، وأنه مالك أمره ومسيطر عليه فلا يخيب ولا يتوقف ولا يضل :
( وكذلك مكنا ليوسف في الأرض ، ولنعلمه من تأويل الأحاديث ، والله غالب على أمره )
وها هو ذا يوسف أراد له إخوته أمرا ، وأراد له الله أمرا ، ولما كان الله غالبا على أمره ومسيطرا فقد نفذ أمره ، أما إخوة يوسف فلا يملكون أمرهم فأفلت من أيديهم وخرج على ما أرادوا :
( ولكن أكثر الناس لا يعلمون ) . .
لا يعلمون أن سنة الله ماضية وأن أمره هو الذي يكون .
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{وقال الذي اشتراه من مصر}... {لامرأته}... {أكرمي مثواه}، يعني: أحسني منزلته وولايته، {عسى أن ينفعنا}، أو نصيب منه خيرا، {أو نتخذه ولدا وكذلك مكنا ليوسف في الأرض}، الملك والسلطان في أرض مصر، {ولنعلمه من تأويل الأحاديث}، يعني: من تعبير الرؤيا، {والله غالب على أمره}، يعني: والله متم ليوسف أمره الذي هو كائن مما لا يعلمه الناس، فذلك قوله: {ولكن أكثر الناس لا يعلمون}، ذلك.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول جلّ ثناؤه: وقال الذي اشترى يوسف من بائعه بمصر... {وَقالَ الّذِي اشْتَرَاهُ مِنْ مِصْرَ لاِمْرأتِهِ}
{أكْرِمي مَثْوَاه}، ُ يقول: أكرمي موضع مُقامه؛ وذلك حيث يثوِي، ويقيم فيه فقال لها: أكرميه عسى أن يَكْفَينا بعض ما نعاني من أمورنا إذا فهم الأمور التي نكلّفها وعرفها، أو {نَتّخِذَهُ وَلَدا}، يقول: أو نتبناه.
{وكذلكَ مَكّنا لِيُوسُفَ فِي الأرْضِ}، يقول عزّ وجلّ: وكما أنقذنا يوسف من أيدي إخوته وقد همّوا بقتله، وأخرجناه من الجبّ بعد أن ألقي فيه، فصيرناه إلى الكرامة والمنزلة الرفيعة عند عزيز مصر، كذلك مكنا له في الأرض فجعلناه على خزائنها.
{وَلِنُعَلّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الأحادِيثِ}، يقول تعالى ذكره: وكي نعلّم يوسف من عبارة الرؤيا مكنا له في الأرض.
{َاللّهُ غالِبٌ على أمْرِهِ}، يقول تعالى ذكره: والله مستولٍ على أمر يوسف يَسُوسُه، ويدبره، ويحوطه. والهاء في قوله: {على أمْرِهِ}: عائدة على يوسف.
{وَلَكِنّ أكْثَرَ الناسِ لا يَعْلَمُونَ}، يقول: ولكن أكثر الناس الذين زهدوا في يوسف، فباعوه بثمن خسيس، والذي صار بين أظهرهم من أهل مصر حين بيع فيهم، لا يعلمون ما الله بيوسف صانع، وإليه يوسف من أمره صائر.
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
اخبر الله تعالى عن من اشتري يوسف (عليه السلام) من بائعه من أهل مصر أنه قال لامرأته حين حمله إليها:"أكرمي مثواه" يعني موضع مقامه، وإنما أمرها بإكرام مثواه دون إكرامه في نفسه، لأن من أكرم غيره لأجله كان أعظم منزلة ممن يكرم في نفسه فقط، والإكرام إعطاء المراد على جهة الإعظام، وهو يتعاظم... "ولكن اكثر الناس لا يعلمون "إخبار منه تعالى أن أكثر الخلق غير عالمين بحسن تدبير الله لخلقه، وما يجريه إليهم من مصالحهم وأنه قادر لا يغالب...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{أَكْرِمِي مَثْوَاهُ} اجعلي منزله ومقامه عندنا كريماً، أي حسناً مرضياً، بدليل قوله {إِنَّهُ رَبّي أَحْسَنَ مَثْوَاي} [يوسف: 23] والمراد تفقديه بالإحسان وتعهديه بحسن الملكة، حتى تكون نفسه طيبة في صحبتنا، ساكنة في كنفنا. ويقال للرجل: كيف أبو مثواك وأم مثواك لمن ينزل به من رجل أو امرأة، يراد: هل تطيب نفسك بثوائك عنده، وهل يراعي حق نزولك به...
{عسى أَن يَنفَعَنَا} لعله إذا تدرّب وراض الأمور وفهم مجاريها، نستظهر به على بعض ما نحن بسبيله، فينفعنا فيه بكفايته وأمانته. أو نتبناه ونقيمه مقام الولد... {وكذلك} الإشارة إلى ما تقدّم من إنجائه وعطف قلب العزيز عليه، والكاف منصوب تقديره: ومثل ذلك الإنجاء والعطف {مَكَّنَّا} له، أي: كما أنجيناه وعطفنا عليه العزيز، كذلك مكنا له في أرض مصر وجعلناه ملكاً يتصرف فيها بأمره ونهيه. {وَلِنُعَلّمَهُ مِن تَأْوِيلِ الأحاديث} كان ذلك الإنجاء والتمكين لأنّ غرضنا ليس إلا ما تحمد عاقبته من علم وعمل {والله غَالِبٌ على أَمْرِهِ} على أمر نفسه: لا يمنع عما يشاء ولا ينازع ما يريد ويقضي. أو على أمر يوسف يدبره لا يكله إلى غيره، قد أراد إخوته به ما أرادوا، ولم يكن إلا ما أراد الله ودبره {ولكن أَكْثَرَ الناس لاَ يَعْلَمُونَ} أن الأمر كله بيد الله...
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :
لما كانت العادة جارية بأن القن يمتهن، أخبر تعالى أنه أكرمه عن هذه العادة فقال منبهاً على أن شراءه كان بمصر: {وقال الذي اشتراه} أي أخذه برغبة عظيمة، ولو توقفوا عليه غالى في ثمنه {من مصر} أي البلدة المعروفة، والتعبير بهذا دون ما هو أخصر منه للتنبيه على أن بيعه ظلم، وأنه لم يدخل في ملك أحد أصلاً {لامرأته} آمراً لها بإكرامه على أبلغ وجه {أكرمي مثواه} أي موضع مقامه، وذلك أعظم من الأمر بإكرامه نفسه، فالمعنى: أكرميه إكراماً عظيماً بحيث يكون ممن يكرم كل ما لابسه لأجله، ليرغب في المقام عندنا. ولما كانت كأنها قالت: ما سبب إيصائك لي بهذا دون غيره؟ استأنف قوله: {عسى أن} أي إن حاله خليق وجدير بأن {ينفعنا} أي وهو على اسم المشتري {أو نتخذه} أي برغبة عظيمة إن رأيناه أهلاً {ولداً} فأنا طامع في ذلك. ولما أخبر تعالى بمبدأ أمره، وكان من المعلوم أن هذا إنما هو لما مكن له في القلوب مما أوجب توقيره وإجلاله وتعظيمه، أخبر تعالى بمنتهى أمره، مشبهاً له بهذا المضمون المعلم به فقال: {وكذلك} أي ومثل ما مكنا ليوسف بتزهيد السيارة: أهل البدو تارة، وإكرام مشتريه ومنافسته فيه أخرى {مكنا ليوسف في الأرض} أي أرض مصر التي هي كالأرض كلها لكثرة منافعها بالملك فيها لتمكنه من الحكم بالعدل {و} بالنبوة {لنعلمه} بما لنا من العظمة {من تأويل الأحاديث} أي بترجيعها من ظواهرها إلى بواطنها، فأشار تعالى إلى المشبه به مع عدم التصريح به لما دل عليه من السياق، وأثبت التمكين في الأرض ليدل على لازمه من الملك والتمكين من العدل، وذكر التعليم ليدل على ملزومه وهو النبوة، فدل أولاً بالملزوم على اللازم، وثانياً باللازم على الملزوم... ولما كان من أعجب العجب أن من وقع له التمكين من أن يفعل به مثل هذه الأفعال يتمكن من أرض هو فيها مع كونه غريباً مستعبداً فرداً لا عشيرة له فيها ولا أعوان، قال تعالى نافياً لهذا العجب: {والله} أي الملك الأعظم {غالب على أمره} أي الأمر الذي يريده، غلبة ظاهر أمرها لكل من له بصيرة: أمر يعقوب يوسف عليهما الصلاة والسلام أن لا يقص رؤياه حذراً عليه من إخوته، فغلب أمره سبحانه حتى وقع ما حذره، فأراد إخوته قتله فغلب أمره عليهم، وأرادوا أن يلتقطه بعض السيارة ليندرس اسمه فغلب أمره سبحانه وظهر اسمه واشتهر، ثم باعوه ليكون مملوكاً فغلب أمره تعالى حتى صار ملكاً وسجدوا بين يديه، ثم أرادوا أن يغروا أباهم ويطيّبوا قلبه حتى يخلو لهم وجهه فغلب أمره تعالى فأظهره على مكرهم، واحتالت عليه امرأة العزيز لتخدعه عن نفسه فغلب أمره سبحانه فعصمه حتى لم يهم بسوء، بل هرب منه غاية الهرب، ثم بذلت جهدها في إذلاله وإلقاء التهمة عليه فأبى الله إلا إعزازه وبراءته، ثم أراد يوسف عليه الصلاة والسلام ذكر الساقي له فغلب أمره سبحانه فأنساه ذكره حتى مضى الأجل الذي ضربه سبحانه، وكم من أمر كان في هذه القصة وفي غيرها يرشد إلى أن لا أمر لغيره سبحانه! {ولكن أكثر الناس} أي الذين هم أهل الاضطراب {لا يعلمون} لعدم التأمل أنه تعالى عالٍ على كل أمر، وأن الحكم له وحده، لاشتغالهم بالنظر في الظواهر للأسباب التي يقيمها، فهو سبحانه محتجب عنهم بحجاب الأسباب...
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
{وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه} لم يبين القرآن اسم الذي اشتراه من السيارة في مصر ولا منصبه ولا اسم امرأته لأن القرآن ليس كتاب حوادث وتاريخ، وإنما قصصه حكم ومواعظ وعبر وتهذيب، ولكن وصفه النسوة فيما يأتي بلقب العزيز وهو اللقب الذي صار لقب يوسف بعد أن تولى إدارة الملك في مصر فالظاهر لقب أكبر وزراء الملك، وللمفسرين أقوال في اسمه واسمها واسم ملك مصر ليس للقرآن شأن فيها...
وقد تفرس هذا الوزير الكبير في يوسف أصدق الفراسة إذ وصى امرأته بإكرام مثواه، والمثوى مصدر واسم مكان من ثوى بالمكان يثوي [كرمى يرمي] ثواء أي أقام، فتضمنت هذه الوصية إكرامه وحسن معاملته في كل ما يختص بإقامته بحيث يكون كواحد منهم ولا يكون كالعبيد والخدم، وعلل ذلك بما يدل على أمله ورجائه فيه وهو {عسى أن ينفعنا} بالقيام ببعض شؤوننا أو شؤون الدولة العامة لما يلوح عليه من مخايل الذكاء والنباهة {أو نتخذه ولدا} فيكون قرة عين لنا، ووارثا لمجدنا ومالنا، إذا تم رشده وصدقت فراستي في نجابته، وفهم من هذه الرجاء أن العزيز لم يكن له ولد وما كان يرجو أن يكون له، وروي أنه كان عقيما. وكان رجاؤه هذا كرجاء امرأة فرعون موسى فيه من بعده، وكانت صالحة ملهمة، وأما العزيز فكان ذكيا صادق الفراسة فاستدل من كمال خلق يوسف وخلقه، وذكائه وحسن خلاله، على أن حسن عشرته وكرم وفادته وشرف تربيته، خير متمم لحسن استعداده الفطري، إذ لا يفسد أخلاق الأذكياء إلا البيئة الفاسدة وسوء القدوة، وما كان إلا صادق الفراسة.
{وكذلك مكنا ليوسف في الأرض} أي وعلى هذا النحو من التدبير والتسخير جعلنا ليوسف مكانة عالية في أرض مصر كان هذا العطف عليه والرجاء فيه من هذا العزيز مبدأها ليقع له في بيته ثم في السجن ما يقع من التجارب والاتصال بساقي الملك فيكون وسيلة للوصول إليه {ولنعلمه من تأويل الأحاديث} كتعبير الرؤيا ومعرفة حقائق الأمور ما ينتهي به إلى الغاية من هذا التمكين، وقوله للملك {اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم} وقول الملك له {إنك اليوم لدينا مكين أمين}.
{والله غالب على أمره} أي على كل أمر يريده ويقدره فلا يغلب على شيء منه بل يقع كما أراد، فكل ما وقع ليوسف من إخوته ومن مسترقيه وبائعيه ومن توصية الذي اشتراه لامرأته بإكرام مثواه ومما وقع له مع هذه المرأة وفي السجن قد كان من أسباب ما أراده تعالى له من تمكينه في الأرض، وإن كان ظاهره على خلاف ذلك، ويجوز أن يكون المعنى والله غالب على أمر يوسف، فهو يدبره ويلهمه الخير، ولا يكله إلى تدبير نفسه وإتباع هواه، {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} أنه تعالى غالب على أمره، بل يأخذون بظواهر الأمور، كما استدل إخوة يوسف بإبعاده على أن يخلو لهم وجه أبيهم ويكونوا من بعد بعده عنهم قوما صالحين. ويقابل الأكثر في هذا المقام يعقوب عليه السلام، فقد كان يعلم أن الله غالب على أمره، وأقواله صريحة في الدلالة على علمه ما تقدم منها وما تأخر في هذه القصة، ولكن علمه كلي إجمالي لا يحيط بتفصيل الجزئيات المخبوءة في مطاوي الأقدار كما قلنا من قبل.
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
{وقال الذي اشتراه من مصر لامرأته أكرمي مثواه}، أي أكرمي إقامته، أي اجعلوه في مقام مكرم غير مهين، {عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولدا} أي عسى أن ينفعنا ببيعه أو بعمله، أو نتخذه ولدا، ويقول تعالى: {وكذلك مكنا ليوسف في الأرض} أي كهذا الذي كان من أنه وجد بين من يحبونه، لا يبغضونه، ويريدون له الحياة، ولا يريدون الموت: {مكنا ليوسف}؛ ليعيش معززا مكرما، ولو في رق وأسر، {ولنعلمه من تأويل الأحاديث} لنعلمه: معطوفة على فعل محذوف هو نتيجة التمكين في الأرض، ليعيش مطمئنا هادئا، وليتمكن من العدل والإصلاح في الأرض، ودفع أزماتها، و (اللام) لام العاقبة في الفعل المذكور، والفعل المقدر،و {الأحاديث} هي الكتب المنزلة، أو مأثورات النبيين إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وتأويلها معرفتها، ومعرفة مآلها، وقد يكون من ضمن ما علمه الله تعالى تفسير الرؤى والأحلام، وقد كانت الطريق لتمكينه في الأرض واقامة العدل فيها. {والله غالب على أمره} لا يرده شيء، ولا يرد قدره شيء، أرادوا له الضياع، وأراد الله له الكرامة فكان ما أراد الله، {ولكن أكثر الناس لا يعلمون} يغترون بما أوتوا من قوة، وما مكنوا، فيعميهم ذلك عن حقيقة السلطان الإلهي، فلا يعلمون. كان ذلك التعليم بإلهام من الله وهو صغير لم يبلغ أشده، ولما بلغ أشده آتاه حكمة وعلما بالأمور وتدبيرها، عندما تمكن من حكم مصر...