في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{أَمۡ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٞ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} (52)

26

ومن ثم عرف فرعون كيف يلعب بأوتار هذه القلوب ويستغفلها بالبريق القريب !

( أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين ? ) .

وهو يعني بالمهانة أن موسى ليس ملكاً ولا أميراً ولا صاحب سطوة ومال مشهود . أم لعله يشير بهذا إلى أنه من ذلك الشعب المستعبد المهين . شعب إسرائيل . أما قوله : ( ولا يكاد يبين )فهو استغلال لما كان معروفاً عن موسى قبل خروجه من مصر من حبسة اللسان . وإلا فقد استجاب الله سؤاله حين دعاه : ( رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي ) . . وحلت عقدة لسانه فعلاً ، وعاد يبين .

وعند الجماهير الساذجة الغافلة لا بد أن يكون فرعون الذي له ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحته ، خيراً من موسى - عليه السلام - ومعه كلمة الحق ومقام النبوة ودعوة النجاة من العذاب الأليم !

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{أَمۡ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٞ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} (52)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

ثم قال فرعون: {أم أنا خير} يقول: أنا خير.

{من هذا} يعني موسى.

{الذي هو مهين} يعني ضعيف ذليل.

{ولا يكاد يبين} حجته يعني لسانه؛ لأن الله تعالى كان أذهب عقدة لسانه في طه حين قال: {واحلل عقدة من لساني} [طه:27]، قال الله تعالى: {قد أوتيت سؤلك يا موسى} [طه:36]...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل فرعون لقومه بعد احتجاجه عليهم بملكه وسلطانه، وبيان لسانه وتمام خلقه، وفضل ما بينه وبين موسى بالصفات التي وصف بها نفسه وموسى: أنا خير أيها القوم، وصفتي هذه الصفة التي وصفت لكم، "أمْ هَذَا الّذِي هُوَ مَهِينٌ "لا شيء له من المُلك والأموال مع العلة التي في جسده، والآفة التي بلسانه، فلا يكاد من أجلها يبين كلامه؟

وقد اختُلف في معنى قوله: "أمْ" في هذا الموضع؛ فقال بعضهم: معناها: بل أنا خير، وقالوا: ذلك خبر، لا استفهام...

وقال بعض نحويي الكوفة، هو من الاستفهام الذي جعل بأم لاتصاله بكلام قبله. قال: وإن شئت رددته على قوله: "ألَيْسَ لي مُلْكُ مِصْرَ"؟ وإذا وجه الكلام إلى أنه استفهام، وجب أن يكون في الكلام محذوف استغني بذكر ما ذكر مما ترك ذكره، ويكون معنى الكلام حينئذٍ: أنا خير أيها القوم من هذا الذي هو مهين، أم هو؟...

وأولى التأويلات بالكلام إذ كان ذلك كذلك، تأويل من جعل: أمْ أنا خَيْرٌ؟ من الاستفهام الذي جعل بأم، لاتصاله بما قبله من الكلام، ووجهه إلى أنه بمعنى: أأنا خير من هذا الذي هو مهين؟ أم هو؟ ثم ترك ذكر أم هو، لما في الكلام من الدليل عليه.

وعنى بقوله: "مِنْ هَذَا الّذِي هُوَ مَهِينٌ": من هذا الذي هو ضعيف لقلّة ماله، وأنه ليس له من الملك والسلطان ما له...

وقوله: "وَلا يَكادُ يُبِينُ" يقول: ولا يكاد يُبين الكلام من عِيّ لسانه.

لطائف الإشارات للقشيري 465 هـ :

استصغر موسى وحديثَه، وعابَه بالفقر.. فَسَلَّطه اللَّهُ عليه، وكان هلاكه بيديه، فما استصغر أحدُ أحداً إلا سَلَّطه اللَّهُ عليه...

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{ولا يكاد يبين} يقتضي أنه كان يبين.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

... حقر من عظمة الآتي له بتلك الآيات صلى الله عليه وسلم لئلا يسرع الناس إلى اتباعه لأن آياته -لكونها من عند الله- كالشمس بهجة وعلواً وشهرة فقال: {من هذا} فكنى بإشارة القريب عن تحقيره، ثم وصفه بما يبين مراده فقال: {الذي هو مهين ولا يكاد يبين} وقد كذب في جميع قوله، فقد كان موسى عليه الصلاة والسلام أبلغ أهل زمانه قولاً وفعلاً بتقدير الله الذي أرسله له وأمره إياه، ولكن الخبيث أسند هذا إلى ما بقي في لسانه من الحبسة تخييلاً لأتباعه لأن موسى عليه الصلاة والسلام ما دعا بإزالة حبسته بل بعقدة منها.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

ومن ثم عرف فرعون كيف يلعب بأوتار هذه القلوب ويستغفلها بالبريق القريب!

(أم أنا خير من هذا الذي هو مهين ولا يكاد يبين؟).

وهو يعني بالمهانة أن موسى ليس ملكاً ولا أميراً ولا صاحب سطوة ومال مشهود. أم لعله يشير بهذا إلى أنه من ذلك الشعب المستعبد المهين. شعب إسرائيل. أما قوله: (ولا يكاد يبين) فهو استغلال لما كان معروفاً عن موسى قبل خروجه من مصر من حبسة اللسان. وإلا فقد استجاب الله سؤاله حين دعاه: (رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي).. وحلت عقدة لسانه فعلاً، وعاد يبين.

وعند الجماهير الساذجة الغافلة لا بد أن يكون فرعون الذي له ملك مصر وهذه الأنهار تجري من تحته، خيراً من موسى -عليه السلام- ومعه كلمة الحق ومقام النبوة ودعوة النجاة من العذاب الأليم!

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

المَهين بفتح الميم: الذليل الضعيف، أراد أنه غريب ليس من أهل بُيوت الشرف في مصر وليس له أهل يعتزّ بهم، وهذا سفسطة وتشغيب إذ ليس المقام مقام انتصار حتى يحقَّر القائم فيه بقلة النصير، ولا مقامَ مباهاة حتى ينتقص صاحبه بضعف الحال...

وليس مقام موسى يومئذٍ مقام خطابة ولا تعليم وتذكير حتى تكون قلة الفصاحة نَقْصاً في عمله.

ولكنه مقام استدلال وحجة فيكفي أن يكون قادراً على إبلاغ مراده ولو بصعوبة وقد أزال الله عنه ذلك حين تفرغ لدعوة بني إسرائيل...