الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{أَمۡ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٞ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} (52)

{ أَمْ أَنَا خَيْرٌ } أم هذه متصلة ، لأنّ المعنى : أفلا تبصرون أم تبصرون ، إلا أنه وضع قوله : { أَنَا خَيْرٌ } موضع : تبصرون ؛ لأنهم إذا قالوا له : أنت خير ، فهم عنده بصراء ، وهذا من إنزال السبب منزلة المسبب . ويجوز أن تكون منقطعة على : بل أأنا خير ، والهمزة للتقرير ، وذلك أنه قدم تعديد أسباب الفضل والتقدّم عليهم من ملك مصر وجرى الأنهار تحته ، ونادى بذلك وملأ به مسامعهم ، ثم قال : أنا خير كأنه يقول : أثبت عندكم واستقر أني أنا خير وهذه حالي { مِّنْ هذا الذى هُوَ مَهِينٌ } أي ضعيف حقير . وقرىء «أما أنا خير » { وَلاَ يَكَادُ يُبِينُ } الكلام لما به من الرُّتة يريد : أنه ليس معه من العدد وآلات الملك والسياسة ما يعتضد به ، وهو في نفسه مخل بما ينعت به الرجال من اللسن والفصاحة ، وكانت الأنبياء كلهم أبيناء بلغاء .