فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{أَمۡ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٞ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} (52)

{ أَمْ أَنَا خَيْرٌ } أم هي المنقطعة ببل ، التي للإضراب دون الهمزة التي للإنكار أي بل أنا خير ، قال أبو عبيدة أم بمعنى : بل ، والمعنى قال فرعون لقومه بل أنا خير ، وقال الفراء : إن شئت جعلتها من الاستفهام الذي جعل بأم لاتصاله بكلام قبله وقيل : هي زائدة ، وحكى أبو زيد عن العرب أنهم يجعلون أم زائدة ، والمعنى أنا خير من هذا ، وقال الأخفش : في الكلام حذف ، والمعنى أفلا تبصرون أم تبصرون ؟ ثم ابتدأ فقال : أنا خير ، وروي عن الخليل وسيبويه نحو قول الأخفش ، ويؤيد هذا أن عيسى الثقفي ويعقوب الحضرمي وقفا على أم على تقدير أم تبصرون فحذف لدلالة الأول عليه ، وعلى هذا فتكون أم متصلة لا منقطعة والأول أولى ، وحكى الفراء أن بعض القراء قرأ أما أنا خير ؟ أي ألست خيرا ؟

{ مِنْ هَذَا الَّذِي هُوَ مَهِينٌ } أي ضعيف حقير ممتهن في نفسه ، لا عز له لأنه يتعاطى أموره بنفسه وليس له ملك ولا قوة يجري بها نهرا وينفذ بها أمرا { وَلَا يَكَادُ يُبِينُ } الكلام لما في لسانه من العقدة ، وقد تقدم بيانه في سورة طه ، قال ابن عباس في الآية : كانت بموسى لثغة في لسانه ، واللثغة بالضم أن تصير الراء غينا أو لاما أو السين ثاء ، وقد لثغ من باب طرب فهو ألثغ ، وقيل المعنى لا يكاد يبين حجته التي تدل على صدقه فيما يدعي ، ولم يرد به أنه لا قدرة له على الكلام ، والأول أولى .