تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَمۡ أَنَا۠ خَيۡرٞ مِّنۡ هَٰذَا ٱلَّذِي هُوَ مَهِينٞ وَلَا يَكَادُ يُبِينُ} (52)

الآية 52 ولذلك قال : { أم أنا خير من هذا الذي هو مهين } أي ضعيف لا مال له ، ولا حَشَم ، ولا تَبَع { ولا يكاد يُبين } حجته . وكذلك قال : { فلولا أُلقي عليه أسورة من ذهب } [ الآية : 53 ] كما أُلقي عليّ وكما أعطاني من المال والذهب .

أو يقول : إن من كان له رسول يُكرمه بأنواع الكرامات ، ويبذل له أموالا . فإذا لم يُؤته شيئا من ذلك فليس برسول . أو يقول : إنه لو كان رسولا كما يقول لألقى الله عليه من الأساورة ما ألقيت أنا على أتباعي وحَشَمي ، ونحوه .

وكان فرعون لا يزال يُموّه أمر موسى عليه السلام على قومه ؛ من ذلك قوله : { يريد أن يُخرجكم من أرضكم بسحره } [ الشعراء : 35 ] ومنه قوله : { إنه لكبيركم الذي علّمكم السّحر } [ طه : 71 و . . . ] ونحو ذلك هذا . فعلى ذلك هذا منه تمويه على قومه ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { ولا يكاد يبين } قال بعضهم : أي لا يكاد يبين حجّته لما في لسانه عُقدة ورِثّة ؛ يقول : [ هو ]{[18975]} عيُّ اللسان .

وقال بعضهم : إن فرعون لا يعني ذلك ، لأن الله تعالى قد أذهب تلك العُقدة والرِّثّة التي في لسانه حين دعا ، وسأل ربه بقوله : { واحلُل عقدة من لساني } { يفقهوا قولي } [ طه : 27 و28 ] وقد أجاب الله دعاءه حين{[18976]} قال : { قد أوتيت سُألك يا موسى } [ طه : 36 ] ولكن أراد ، والله أعلم { ولا يكاد يبين } حجّته ، أي ليست تأتي حجّته ، تأخذ القلوب .

وقال القتبيّ : قوله : { أم أنا خير من هذا الذي هو مهين } قال : أم أنا خير منه ؟

وقال أهل التأويل : قوله : [ { أم أنا خير من هذا الذي هو مهين } ]{[18977]} أنا خير منه .

وجائز أن يكون قوله : { أم أنا خير من هذا الذي هو مهين } موصولا بقول فرعون حين{[18978]} قال : { أليس لي مُلك مصر وهذه الأنهار تجري من تحتي أفلا تُبصرون } أنا خير منه بأن لي ملك مصر ، وليس لموسى عليه السلام ذلك على ما ذكرنا .


[18975]:ساقطة من الأصل وم.
[18976]:في الأصل وم: حيث.
[18977]:ساقطة من الأصل وم.
[18978]:في الأصل وم: حيث.