في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِينَ وَٱلۡمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقۡرَضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (18)

ويتبع هذه اللمسة المحيية ، وذلك العتاب المخجل ، وذاك التذكير والتحذير ، بحافز جديد للبذل والفداء :

( إن المصدقين والمصدقات ، وأقرضوا الله قرضا حسنا ، يضاعف لهم ولهم أجر كريم . والذين آمنوا بالله ورسله أولئك هم الصديقون ، والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم ؛ والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم ) . .

إن المتصدقين والمتصدقات لا يتفضلون على آخذي الصدقات ، ولا يتعاملون في هذا مع الناس . إنما هم يقرضون الله ويتعاملون مباشرة معه . فأي حافز للصدقة أوقع وأعمق من شعور المعطي بأنه يقرض الغني الحميد ، وأنه يتعامل مع مالك الوجود? وأن ما ينفقه مخلف عليه مضاعفا ؛ وأن له بعد ذلك كله أجرا كريما ?

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِينَ وَٱلۡمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقۡرَضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (18)

المصّدِّقين والمصدقات : بالتشديد هم المنفقون في سبيل الله .

والله سبحانه يجازي كلَّ إنسان بعمله ، فالمتصدّقون والمتصدقات الذي ينفقون في سبيل الله بنفوس سخيّة طيبة ، يضاعفُ الله لهم ثوابَ ذلك ، وفوق المضاعَفة لهم أجرٌ كريم عنده يوم القيامة .

قراءات :

قرأ ابن كثير وأبو بكر : إن المصَدقين والمصدقات بفتح الصاد من غير تشديد . والباقون : بالتشديد .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِينَ وَٱلۡمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقۡرَضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (18)

{ إِنَّ المصدقين والمصدقات } أي المتصدقين والمتصدقات ، وقد قرأ أبيّ كذلك ، وقرأ ابن كثير ، وأبو بكر . والمفضل . وأبان . وأبو عمر وفي رواية هارون بتخفيف الصاد من التصديق لا من الصدقة كما في قراءة الجمهور أي الذين صدقوا واللاتي صدقن الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم ، والقرءاة الأولى أنسب بقوله تعالى : { وَأَقْرِضُواُ الله قَرْضاً حَسَناً } وقيل : الثانية أرجح لأن الإقراض يغني عن ذكر التصدق ، وأنت ستعلم إن شاء الله تعالى فائدته ، وعطف { أقرضوا } على معنى الفعل من المصدقين على ما اختاره أبو علي . والزمخشري لأن أل بمعنى الذين ، واسم الفاعل بمعنى الفعل فكأنه قيل : إن الذين اصدقوا أو صدقوا على القراءتين { الزكواة وَأَقْرِضُواُ } وتعقبه أبو حيان وغيره بأن فيه الفصل بين أجزاء الصلة إذ المعطوف على الصلة صلة بأجنبي وهو المصدقات ، وذلك لا يجوز ، وقال صاحب التقريب : هو محمول على المعنى كأنه قيل : إن الناس الذين تصدقوا وتصدقن وأقرضوا فهو عطف على الصلة من حيث المعنى بلا فصل ، وتعقب بأنه لا محصل له إلا إذا قيل : إن أل الثانية زائدة لئلا يعطف على صورة جزء الكلمة ، وفيه بعد ، ولا يخفى أن حديث اعتبار المعنى يدفع ما ذكر ، ومن هنا قيل : إنه قريب ولا يبعد تنزيل ما تقدم عن أبي علي ، والزمخشري عليه ، وقيل : العطف على صلة أل في المصدقات واختلاف الضمائر تأنيثاً وتذكيراً لا يضر لأن أل تصلح للجميع فيراد بها معنى اللاتي عند عود ضمير جمع الإناث عليها ومعنى الذين عند عود ضمير جمع الذكور عليها وهو كما ترى ، ومثله ما قيل : هو من باب كل رجل وضيعته أي إن المصدقين مقرونون مع المصدقات في الثواب والمنزلة ، أو يقدر خبر أي إن المصدقين والمصدقات يفلحون { وَأَقْرِضُواُ } في الوجهين ليس عطفاً على الصلة بل مستأنف ويضاعف بعد صفة قرضاً أو استئناف ومن أنصف لم ير ذلك مما ينبغي أن يخرج عليه كلام أدنى الفصحاء فضلاً عن كلام رب العالمين ، واختار أبو حيان تخريج ذلك على حذف الموصول لدلالة ما قبله عليه كأنه قيل : والذين أقرضوا فيكون مثل قوله

: فمن يهجر رسول الله منكم *** ( ويمدحه وينصره ) سواء

وهو مقبول على رأي الكوفيين دون رأي البصريين فإنهم لا يجوزون حذف الموصول في مثله ، وبعض أئمة المحققين بعد أن استقرب توجيه التقريب ولم يستبعد تنزيل ما سمعت عن الزمخشري . وأبي علي عليه قال : وأقرب منه أن يقال : إن { المصدقات } منصوب على التخصيص كأنه قيل : { إن المتصدقين } عاماً على التغليب وأخص المتصدقات منهم كما تقول : إن الذين آمنوا ولاسيما العلماء منهم وعملوا الصالحات لهم كذا .

ووجه التخصيص ما ورد في قوله صلى الله عليه وسلم : «يا معشر النساء تصدقن فإني أريتكن أكثر أهل النار » يحضهن على الصدقة بأنهن إذا فعلن ذلك كان له تعالى أقبل وجزاؤه عنه سبحانه أوفر وأفضل ، ثم قال : ولما لم يكن الاقراض غير ذلك التصدق قيل : وأقرضوا أي بذلك التصدق تحقيقاً لكينونته وأنهم مثل ذلك ممثلون عند الله تعالى بمن يعامل مع أجود الأجودين معاملة برضاه ، ولو قيل : والمقرضين لفاتت هذه النكتة انتهى .

ولا يخفى أن نصب المصدقات على التخصيص خلاف الظاهر ، وأما ما ذكره في نكتة العدول عن المقروضين فحسن وهو متأت على تخريج أبي علي . والزمخشري ، وعلى تخريج أبي حيان ، وقال الخفاجي : القول أي قول أبي البقاء بأن أقرضوا الخ معترض بين اسم إن وخبرها أظهر وأسهل ، وكأن النكتة فيه تأكيد الحكم بالمضاعفة ، وزعم أن الجملة حال بتقدير قد أو بدونها من ضميري المصدقين والمصدقات لا يخفى معنى وعربية فتدبر { يُضَاعَفُ لَهُمُ } الضمير لجميع المتقدمين الذكور والإناث على التغليب كضمير أقرضوا ، والجار والمجرور نائب الفاعل ، وقيل : هو ضمير التصدق أو ضمير القرض على حذف مضاف أي يضاعف ثواب التصدق أو ثواب القرض لهم ، وقرأ ابن كثير . وابن عامر يضعف بتشديد العين ، وقرئ يضاعف بالبناء للفاعل أي يضاعف الله عز وجل لهم ثواب ذلك { وَلَهُمْ أَجْرٌ كَرِيمٌ } قد مر الكلام فيه .

 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِينَ وَٱلۡمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقۡرَضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (18)

{ إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم }

{ إن المصَّدقين } من التصديق أدغمت التاء في الصاد ، أي الذين تصدقوا { والمصَّدقات } اللاتي تصدقن وفي قراءة بتخفيف الصاد فيهما من التصديق والإيمان { وأقرضوا الله قرضاً حسناً } راجع إلى الذكور والإناث بالتغليب وعطف الفعل على الاسم في صلة أل لأنه فيها حل محل الفعل ، وذكر القرض بوصفه بعد التصدق تقييد له { يضاعف } وفي قراءة يضعف بالشديد ، أي قرضهم { لهم ولهم أجر كريم } .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِينَ وَٱلۡمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقۡرَضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (18)

قوله تعالى : { إن المصدقين والمصدقات وأقرضوا الله قرضا حسنا يضاعف لهم ولهم أجر كريم 18 والذين آمنوا بالله ورسوله أولئك هم الصادقون والشهداء عند ربهم لهم أجرهم ونورهم والذين كفروا وكذبوا بآياتنا أولئك أصحاب الجحيم } .

ذلك إطراء من الله كريم على عباده المؤمنين ، المصدقين والمصدقات والصديقين والشهداء . أولئك أصناف أبرار من عباد الله بما أنفقوا من أموالهم وبما أقرضوا الله قرضا حسنا وبما جاهدوا في سبيله حتى قتلوا . وهو قوله : { إن المصّدّقين والمصّدّقات } بتشديد الصاد والدال ، من التصدق وهو بذل المال للفقراء والمحاويج طلبا لمرضاة الله { وأقرضوا الله قرضا حسنا } أي تصدقوا من المال الطيب عن طيب نفس وصدق نية { يضاعف لهم } أولئك يجزون الحسنة بعشر أمثالها أو أكثر حتى السبعمائة ضعف { ولهم أجر كريم } يعني الجنة حيث النعيم المقيم والرحمة المستفيضة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُصَّدِّقِينَ وَٱلۡمُصَّدِّقَٰتِ وَأَقۡرَضُواْ ٱللَّهَ قَرۡضًا حَسَنٗا يُضَٰعَفُ لَهُمۡ وَلَهُمۡ أَجۡرٞ كَرِيمٞ} (18)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وقوله:"إنّ المُصّدّقِينَ وَالمُصّدّقاتِ "اختلفت القرّاء في قراءة ذلك، فقرأته عامة قرّاء الأمصار، خلا ابن كثير وعاصم بتشديد الصاد والدال، بمعنى أن المتصدّقين والمتصدّقات، ثم تُدغم التاء في الصاد، فتجعلها صادا مشدّدة... وقرأ ابن كثير وعاصم «إنّ المُصَدّقِينَ والمُصَدقاتِ» بتخفيف الصاد وتشديد الدال، بمعنى: إن الذين صدقوا الله ورسوله. وأولى الأقوال في ذلك بالصواب عندي أن يقال: إنهما قراءتان معروفتان صحيح معنى كلّ واحدة منهما فبأيتهما قرأ القارئ فمصيب...

فتأويل الكلام إذن على قراءة من قرأ ذلك بالتشديد في الحرفين: أعني في الصاد والدال، أن المتصدّقين من أموالهم والمتصدّقات "وأقْرَضُوا للّهِ قَرْضا حَسَنا" يعني بالنفقة في سبيله، وفيما أمر بالنفقة فيه، أو فيما ندب إليه "يُضَاعَفُ لَهُمْ وَلَهُمْ أجْرٌ كَرِيمٌ" يقول: يضاعف الله لهم قروضهم التي أقرضوها إياه، فيوفيهم ثوابها يوم القيامة، "وَلَهُمْ أجْرٌ كَرِيمٌ" يقول: ولهم ثواب من الله على صدقهم، وقروضهم إياه كريم، وذلك الجنة.

تفسير القرآن للسمعاني 489 هـ :

(وأقرضوا الله قرضا حسنا) قيل: لا تكون الصدقة قرضا حسنا حتى تجتمع فيها خصال: أولها: أن تكون من حلال، وأن يعطيها طيبة بها نفسه، وأن لا يتبعها منا ولا أذى، وأن يتيمم الجيد من ماله لا الخبيث والرديء، وأن يعطيها ابتغاء وجه الله لا مراءاة للخلق، وأن يخرج الأحب من ماله إلى الله تعالى، وأن يتصدق وهو صحيح يأمل العيش ويخشى الفقر، وأن لا يستكثر ما فعله بل يستقله، وأن يتصدق بالكثير.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{المصدقين} المتصدّقين. وقرىء على الأصل «والمصدّقين». من صدق، وهم الذين صدقوا الله ورسوله يعني المؤمنين.

فإن قلت: علام عطف قوله {وَأَقْرِضُواُ}؟ قلت: على معنى الفعل في المصدّقين؛ لأنّ اللام بمعنى الذين، واسم الفاعل بمعنى أصدّقوا، كأنه قيل: إنّ الذين أصدّقوا وأقرضوا. والقرض الحسن: أنّ يتصدق من الطيب عن طيبة النفس وصحة النية على المستحق للصدقة.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{إن المصدقين} أي العريقين في هذا الوصف من الرجال {والمصدقات} أي من النساء بأموالهم على الضعفاء الذين إعطاؤهم يدل على الصدق في الإيمان لكون المعطى لا يرجى منه نفع دنيوي، ولعله أدغم إشارة إلى إخفاء الصدقات، وقراءة أُبَيّ رضي الله عنه بالإظهار ترشد إلى الإكثار من الصدقة حتى تصير ظاهرة...ولما كانت صيغة التفعل تدل على التكلف حثاً على حمل النفس على التطبع بذلك حتى يصير لها خلقاً في غاية الخفة عليها فقال عاطفاً على صلة الموصول في اسم الفاعل معبراً بالماضي بعد إفهام الوصف الثبات دلالة على الإيقاع بالفعل عطفاً على ما تقديره موقعاً ضميراً المذكر على الصنفين تغليباً الذين صدقوا إيمانهم بالتصدق

{أجر كريم} أي لا كدر فيه بانقطاع ولا قلة ولا زيادة بوجه من الوجوه أصلاً.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

إن المتصدقين والمتصدقات لا يتفضلون على آخذي الصدقات، ولا يتعاملون في هذا مع الناس. إنما هم يقرضون الله ويتعاملون مباشرة معه. فأي حافز للصدقة أوقع وأعمق من شعور المعطي بأنه يقرض الغني الحميد، وأنه يتعامل مع مالك الوجود؟ وأن ما ينفقه مخلف عليه مضاعفا؛ وأن له بعد ذلك كله أجرا كريما؟...

.