في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِيٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ} (21)

ولما كان أولئك المنافقون يأوون إلى اليهود شعورا منهم بأنهم قوة تخشى وترجى . ويطلبون عندهم العون والمشورة . فإن الله ييئسهم منهم ، ويقرر أنه كتب على أعدائه الذلة والهزيمة ، وكتب لنفسه ولرسوله الغلبة والتمكين :

( إن الذين يحادون الله ورسوله أولئك في الأذلين . كتب الله لأغلبن أنا ورسلي . إن الله قوي عزيز ) . . وهذا وعد الله الصادق الذي كان والذي لا بد أن يكون على الرغم مما قد يبدو أحيانا من الظاهر الذي يخالف هذا الوعد الصادق .

فالذي وقع بالفعل أن الإيمان والتوحيد قد غلبا على الكفر والشرك . واستقرت العقيدة في الله في هذه الأرض ؛ ودانت لها البشرية بعد كل ما وقف في طريقها من عقبات الشرك والوثنية ، وبعد الصراع الطويل مع الكفر والشرك والإلحاد . وإذا كانت هناك فترات عاد فيها الإلحاد أو الشرك إلى الظهور في بعض بقاع الأرض - كما يقع الآن في الدول الملحدة والوثنية - فإن العقيدة في الله ظلت هي المسيطرة بصفة عامة . فضلا على أن فترات الإلحاد والوثنية إلى زوال مؤكد ، لأنها غير صالحة للبقاء . والبشرية تهتدي في كل يوم إلى أدلة جديدة تهدي إلى الاعتقاد في الله والتمكين لعقيدة الإيمان والتوحيد .

والمؤمن يتعامل مع وعد الله على أنه الحقيقة الواقعة . فإذا كان الواقع الصغير في جيل محدود أو في رقعة محدودة يخالف تلك الحقيقة ، فهذا الواقع هو الباطل الزائل . الذي يوجد فترة في الأرض لحكمة خاصة . لعلها استجاشة الإيمان وإهاجته لتحقيق وعد الله في وقته المرسوم .

وحين ينظر الإنسان اليوم إلى الحرب الهائلة التي شنها أعداء الإيمان على أهل الإيمان في صورها المتنوعة ، من بطش ومن ضغط ومن كيد بكل صنوف الكيد في عهود متطاولة ، بلغ في بعضها من عنف الحملة على المؤمنين أن قتلوا وشردوا وعذبوا وقطعت أرزاقهم وسلطت عليهم جميع أنواع النكاية . ثم بقي الإيمان في قلوب المؤمنين ، يحميهم من الانهيار ، ويحمي شعوبهم كلها من ضياع شخصيتها وذوبانها في الأمم الهاجمة عليها ، ومن خضوعها للطغيان الغاشم إلا ريثما تنقض عليه وتحطمه . . حين ينظر الإنسان إلى هذا الواقع في المدى المتطاول يجد مصداق قول الله تعالى . يجده في هذا الواقع ذاته بدون حاجة إلى الانتظار الطويل ! !

وعلى أية حال فلا يخالج المؤمن شك في أن وعد الله هو الحقيقة الكائنة التي لا بد أن تظهر في الوجود ، وأن الذين يحادون الله ورسوله هم الأذلون ، وأن الله ورسله هم الغالبون . وأن هذا هو الكائن والذي لا بد أن يكون . ولتكن الظواهر غير هذا ما تكون !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِيٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ} (21)

كَتَبَ اللهُ : قضى وحكم .

وقد قضى الله وحَكَمَ في أُمّ الكِتابِ بأن الغَلَبةَ والنصر له ولرسُله ، وقد صَدَق في ذلك .

{ إِنَّ الله قَوِيٌّ عَزِيزٌ } متى أراد شيئاً كانَ ، ولم يجدْ معارِضاً ولا ممانعاً على شرط أن يكون المؤمنون صادقين في إيمانهم يعملون بِجدّ وإخلاص ، ويتّخذون لكلِّ شيء عدَّتَه .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِيٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ} (21)

{ كتاب الله } استئناف وارد لتعليل كونهم في الأذلين أي أثبت في اللوح المحفوظ أو قضى وحكم ، وعن قتادة قال : وأياً مّا كان فهو جار مجرى القسم فلذا قال سبحانه : { لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى } أي بالحجة والسيف وما يجري مجراه أو بأحدهما ، ويكفي في الغلبة بما عدا الحجة تحققها للرسل عليهم السلام في أزمنتهم غالباً فقد أهلك سبحانه الكثير من أعدائهم بأنواع العذاب كقوم نوح . وقوم صالح . وقوم لوط . وغيرهم ، والحرب بين نبينا صلى الله عليه وسلم وبين المشركين وإن كان سجالاً إلا أن العاقبة كانت له عليه الصلاة والسلام وكذا لأتباعهم بعدهم لكن إذا كان جهادهم لأعداء الدين على نحو جهاد الرسل لهم بأن يكون خالصاً لله عز وجل لا لطلب ملك وسلطنة وأغراض دنيوية فلا تكاد تجد مجاهداً كذلك إلا منصوراً غالباً ، وخص بعضهم الغلبة بالحجة لاطرادها وهو خلاف الظاهر ، ويبعده سبب النزول ، فعن مقاتل لما فتح الله تعالى مكة للمؤمنين . والطائف . وخيبر وما حولها قالوا : نرجو أن يظهرنا الله تعالى على فارس والروم فقال عبد الله بن أبيّ : أتظنون الروم . وفارس كبعض القرى التي غلبتم عليها ، والله أنهم لأكثر عدداً وأشد بطشاً من أن تظنوا فيهم ذلك فنزلت { كَتَبَ الله لاَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى } { إِنَّ الله قَوِىٌّ } على نصر رسله { عَزِيزٌ } لا يغلب على مراده عز وجل .

/ وقرأ نافع . وابن عامر { وَرُسُلِي } بفتح الياء .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِيٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ} (21)

ووعد لمن آمن به ، وبرسله ، واتبع ما جاء به المرسلون ، فصار من حزب الله المفلحين ، أن لهم الفتح والنصر والغلبة في الدنيا والآخرة ، وهذا وعد لا يخلف ولا يغير ، فإنه من الصادق القوي العزيز الذي لا يعجزه شيء يريده .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِيٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ} (21)

قوله تعالى :{ كتب الله } قضى الله قضاءً ثابتاً ، { لأغلبن أنا ورسلي إن الله قوي عزيز } نظيره قوله :{ ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين * إنهم لهم المنصورون } ( الصافات 71 ) ، قال الزجاج : غلبة الرسل على نوعين : من بعث منهم بالحرب فهو غالب بالحرب ، ومن لم يؤمر بالحرب فهو غالب بالحجة .