تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغۡلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِيٓۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٞ} (21)

20

المفردات :

كتب الله : قضى وحكم .

لأغلبن : بالحجة والقوة .

التفسير :

21- { كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } .

قضى الله وأثبت ذلك ، وأيده وأكده ، وهو أن تكون الغلبة والنصر لرسل الله وأوليائه وأحبابه ، وأتباع دينه وشرعه ورسله ، فالله غالب على أمره وهو سبحانه ، قوي . لا يغلبه غالب ، عزيز . لا يغلبه على مراده كائن مهما كان ، وقد حدث ذلك في تاريخ البشرية ، حيث نصر الله المرسلين وهزم المكذبين ، فقد نصر الله نوحا وأغرق الكافرين به ، وكذلك نصر هودا وصالحا وشعيبا وموسى ، وأهلك المكذبين بهم .

قال تعالى : { وكم أهلكنا من القرون من بعد نوح وكفى بربك بذنوب عباده خبيرا بصيرا } . ( الإسراء : 17 ) .

وقيل : إن المراد بغلبة الله ورسله ، الغلبة بالحجة لاطرادها ، وهو خلاف الظاهر ، فالعاملون المخلصون ينصرهم الله في النهاية ، وقد يتأخر النصر لحكمة إلهية ، هي امتحان المؤمنين واستشارة إخلاصهم واستعدادهم ورغبتهم .

قال تعالى : { حتى إذا استيئس الرسل وظنوا أنهم قد كُذبوا جاءهم نصرنا . . . }( يوسف : 110 ) .

وقال تعالى : { ذلك ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلوا بعضكم ببعض والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضل أعمالهم } . ( محمد : 4 ) .

وفي هذا المعنى قال تعالى : { ولقد سبقت كلمتنا لعبادنا المرسلين*إنهم لهم المنصورون*وإنّ جندنا لهم الغالبون } . ( الصافات : 171-173 ) .

وقال مقاتل في سبب نزول هذه الآية :

لما فتح الله تعالى مكة والطائف وخيبر وما حولها للمؤمنين ، قالوا : نرجو أن يظهرنا الله تعالى على فارس والروم ، فقال عبد الله بن أُبيّ : أتظنون الروم وفارس كبعض القرى التي غلبتم عليها ، والله إنهم لأكثر عددا وأشد بطشا من أن تظهروا عليهم ، فنزلت الآية : { كَتَبَ اللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ } .