في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَءَامَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٖ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ كَفَّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَأَصۡلَحَ بَالَهُمۡ} (2)

وفي الجانب الآخر : ( والذين آمنوا وعملوا الصالحات وآمنوا بما نزل على محمد وهو الحق من ربهم ) . . والإيمان الأول يشمل الإيمان بما نزل على محمد . ولكن السياق يبرزه ويظهره ليصفه بصفته : ( وهو الحق من ربهم )ويؤكد هذا المعنى ويقرره . وإلى جوار الإيمان المستكن في الضمير ، العمل الظاهر في الحياة . وهو ثمرة الإيمان الدالة على وجوده وحيويته وانبعاثه .

وهؤلاء : ( كفر عنهم سيئاتهم ) . . في مقابل إبطال أعمال الذين كفروا ولو كانت حسنات في شكلها وظاهرها . وبينما يبطل العمل ولو كان صالحا من الكافرين ، فإن السيئة تغفر للمؤمنين . وهو تقابل تام مطلق يبرز قيمة الإيمان وقدره عند الله ، وفي حقيقة الحياة . .

( وأصلح بالهم ) . . وإصلاح البال نعمة كبرى تلي نعمة الإيمان في القدر والقيمة والأثر . والتعبير يلقي ظلال الطمأنينة والراحة والثقة والرضى والسلام . ومتى صلح البال ، استقام الشعور والتفكير ، واطمأن القلب والضمير ، وارتاحت المشاعر والأعصاب ، ورضيت النفس واستمتعت بالأمن والسلام . . وماذا بعد هذا من نعمة أو متاع ? ألا إنه الأفق المشرق الوضيء الرفاف .

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَءَامَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٖ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ كَفَّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَأَصۡلَحَ بَالَهُمۡ} (2)

أصلح بالَهم : أصلح حالهم ، والبال معناه القلب والخاطر . والبال : الأمل ، ويقال : فلان رضيّ البال وناعم البال : موفور العيش هادئ النفس .

وأهل الإيمان الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات ، وقد محا عنهم سيئاتهم ، وأصلح حالهم في الدين والدنيا .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَءَامَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٖ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ كَفَّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَأَصۡلَحَ بَالَهُمۡ} (2)

{ والذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } قال ابن عباس فيما أخرجه عنه جماعة منهم الحاكم وصححه هم أهل المدينة الأنصار ، وفسر رضي الله تعالى عنه { الذين كَفَرُواْ } [ محمد : 1 ] بأهل مكة قريش ، وقال مقاتل : هم ناس من قريش ، وقيل : مؤمنو أهل الكتاب ، وقيل : أعم من المذكورين وغيرهم فإن الموصول من صيغ العموم ولا داعي للتخصيص { وَءامَنُواْ بِمَا نُزّلَ على مُحَمَّدٍ } من القران ، وخص بالذكر الإيمان بذلك مع اندراجه فيما قبله تنويها بشأنه وتنبيهاً على سمو مكانه من بين سائر ما يجب الإيمان به وانه الأصل في الكل ولذلك أكد بقوله تعالى : { وَهُوَ الحق مِن رَّبّهِمْ } وهو جملة معترضة بين المبتدأ والخبر مفيدة لحصر الحقية فيه على طريقة الحصر في قوله تعالى : { ذلك الكتاب } [ البقرة : 2 ] وقولك : حاتم الجواد فيراد بالحق ضد الباطل ، وجوز أن يكون الحصر على ظاهره والحق الثابت ، وحقية ما نزل عليه عليه الصلاة والسلام لكونه ناسخاً لا ينسخ وهذا يقتضي الاعتناء به ومنه جاء التأكيد ، وأياً ما كان فقوله تعالى : { مّن رَّبّهِمُ } حال من ضمير { الحق } وقرأ زيد بن علي . وابن مقسم { نَزَّلَ } مبنياً للفاعل ، والأعمش { أَنَزلَ } معدى بالهمزة مبنياً للمفعول . وقرئ { أَنَزلَ } بالهمز مبنياً للفاعل { وَنُزّلَ } بالتخفيف { كَفَّرَ عَنْهُمْ } أي سترها بالإيمان والعمل الصالح ، والمراد إزالها ولم يؤاخذهم بها { سيئاتهم وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } أي حالهم في الدين والدنيا بالتوفيق والتأييد ، وتفسير البال بالحال مروى عن قتادة وعنه تفسيره بالشأن وهو الحال أيضاً أو ماله خطر ، وعليه قول الراغب : الباب الحال التي يكترث بها ، ولذلك يقال : ما باليت بكذا بالة أي ما اكترثت به ، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم : «كل أمر ذي بال » الحديث ويكون بمعنى الخاطر القلبي ويتجوز به عن القلب كما قال الشهاب . وفي البحر حقيقة البال الفكر والموضع الذي فيه نظر الإنسان وهو القلب ومن صلح قلبه صلحت حاله ، فكأن اللفظ مشير إلى صلاح عقيدتهم وغير ذلك من الحال تابع له ، وحكى عن السفاقسي تفسيره هنا بالفكر وكأنه لنحو ما أشير إليه ، وهو كما في البحر أيضاً مما لا يثني ولا يجمع وشذ قولهم في جمعه بالات .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَءَامَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٖ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ كَفَّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَأَصۡلَحَ بَالَهُمۡ} (2)

وأما { وَالَّذِينَ آمَنُوا } بما أنزل الله على رسله عموما ، وعلى محمد صلى الله عليه وسلم خصوصا ، { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } بأن قاموا بما عليهم من حقوق الله ، وحقوق العباد الواجبة والمستحبة .

{ كَفَّرَ } الله { عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ } صغارها وكبارها ، وإذا كفرت سيئاتهم ، نجوا من عذاب الدنيا والآخرة . { وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } أي : أصلح دينهم ودنياهم ، وقلوبهم وأعمالهم ، وأصلح ثوابهم ، بتنميته وتزكيته ، وأصلح جميع أحوالهم ، والسبب في ذلك أنهم :