محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَءَامَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٖ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ كَفَّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَأَصۡلَحَ بَالَهُمۡ} (2)

{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات } أي الطاعات فيما بينهم وبين ربهم .

وقوله : { وآمنوا بما نزل على محمد } أي بما أنزل الله به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم . وإنما خصه بالذكر ، مع دخوله فيما قبله ، تعظيما لشأنه وتعليما ، لأنه لا يصح الإيمان ولا يتم إلا به ، إذ يفيد بعطفه أنه أعظم أركانه ، لإفراده بالذكر . وقد تأكد ذلك بالجملة الاعتراضية التي هي قوله : { وهو الحق من ربهم } أي الثابت بالواقع ونفس الأمر . { كفر عنهم سيئاتهم } أي ستر بإيمانهم وعملهم الصالح ، ما كان منهم من الكفر والمعاصي ، لرجوعهم عنها وتوبتهم { وأصلح بالهم } حالهم وشأنهم ، وعملهم في الدنيا بالتأييد والتوفيق .

قال الشهاب : ( البال ) يكون بمعنى الحال والشأن . وقد يخص بالشأن العظيم ، كقوله : صلى الله عليه وسلم{[6582]} ( كل أمر ذي بال ) ويكون بمعنى الخاطر القلبي ، ويتجوز به عن القلب . ولو فسر به / هنا كان حسنا أيضا . وقد فسره السفاقسيّ بالفكر ، لأنه إذا صلح قلبه وفكره ، صلحت عقيدته وأعماله .

وقال ابن جرير :{[6583]} البال كالمصدر ، مثل الشأن ، لا يعرف منه فعل ، ولا تكاد العرب تجمعه إلا في ضرورة شعر ، فإذا جمعوه قالوا : ( بالات ) .


[6582]:أخرجه ابن ماجه في: 9 –كتاب النكاح، 19 – باب خطبة النكاح، حديث 1894(طبعتنا(.
[6583]:انظر الصفحة رقم 39 من الجزء السادس والعشرين(طبعة الحلبي الثانية(.