النكت و العيون للماوردي - الماوردي  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَءَامَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٖ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ كَفَّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَأَصۡلَحَ بَالَهُمۡ} (2)

قوله عز وجل : { وَالَّذِينَ ءَامَنوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } فيهم قولان :

أحدهما : أنهم الأنصار ، قاله ابن عباس .

الثاني : أنها نزلت خاصة في ناس من قريش ، قاله مقاتل .

وفي قوله : { وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ } فيه قولان :

أحدهما : المواساة بمساكنهم وأموالهم ، وهذا قول من زعم أنهم الأنصار .

الثاني : الهجرة وهذا قول من زعم أنهم قريش .

{ وَءَامَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ } أي آمنوا بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما أنزل عليه من القرآن .

{ وَهُوَ الحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ } يحتمل وجهين :

أحدهما : أن إيمانهم هو الحق من ربهم .

الثاني : أن القرآن هو الحق من ربهم .

{ كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيّئَاتِهِمْ } فيه وجهان :

أحدهما : سترها عليهم .

الثاني : غفرها بإيمانهم .

{ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } فيه أربعة أوجه :

أحدها : أصلح{[2653]} شأنهم ، قاله مجاهد .

الثاني : أصلح حالهم ، قاله قتادة .

الثالث : أصلح أمرهم ، قاله ابن عباس ، والثلاثة متقاربة وهي متأولة على إصلاح ما تعلق بدنياهم .

الرابع : أصلح نياتهم{[2654]} . حكاه النقاش ، ومنه قول الشاعر :

فإن تقبلي بالود أقبل بمثله *** وإن تدبري أذهب إلى حال باليا

وهو على هذا التأويل محمول على إصلاح دينهم ، والبال لا يجمع لأنه أبهم إخوانه من الشأن والحال والأمر .


[2653]:أصلح، سقطت من ك.
[2654]:في ك أصلح قبلهم.