البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَءَامَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٖ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ كَفَّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَأَصۡلَحَ بَالَهُمۡ} (2)

البال : الفكر ، تقول : خطر في بالي كذا ، ولا يثني ولا يجمع ، وشذ قولهم : بالات في جمعه .

{ والذين آمنوا وعملوا الصالحات } : هم الأنصار .

وقال مقاتل : ناس من قريش .

وقيل : مؤمنو أهل الكتاب .

وقيل : هو عام ؛ وعلى تقدير خصوص السبب في القبيلتين ، فاللفظ عام يتناول كل كافر وكل مؤمن .

{ وآمنوا بما نزل على محمد } : تخصيصه من بين ما يجب الإيمان به ، تعظيم لشأن الرسول ، وإعلام بأنه لا يصح الإيمان ولا يتم إلا به .

وأكد ذلك بالجملة الأعتراضية التي هي : { وهو الحق من ربهم } .

وقيل : { وهو الحق } : ناسخ لغيره ولا يرد عليه النسخ .

وقرأ الجمهور : نزل مبنياً للمفعول ؛ وزيد بن علي ، وابن مقسم : نزل مبنياً للفاعل ؛ والأعمش : أنزل معدى بالهمزة مبنياً للمفعول .

وقرئ : نزل ثلاثياً .

{ كفر عنهم سيئاتهم وأصلح بالهم } : أي حالهم ، قاله قتادة ؛ وشأنهم ، قاله مجاهد ؛ وأمرهم ، قاله ابن عباس .

وحقيقة لفظ البال أنها بمعنى الفكر ، والموضع الذي فيه نظر الإنسان وهو القلب .

فإذا صلح ذلك ، فقد صلحت حاله ، فكأن اللفظ مشير إلى صلاح عقيدتهم ، وغير ذلك من الحال تابع .