الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ وَءَامَنُواْ بِمَا نُزِّلَ عَلَىٰ مُحَمَّدٖ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ مِن رَّبِّهِمۡ كَفَّرَ عَنۡهُمۡ سَيِّـَٔاتِهِمۡ وَأَصۡلَحَ بَالَهُمۡ} (2)

وقوله : { والذين آمنوا } [ 2 ] .

يريد به الأنصار ، فالآيتان عنده مخصوصتان ، وغيره يقول إنهما عامتان . ويجوز أن [ تكونا مخصوصتين{[63302]} ] في وقت النزول ثم هما عامتان بعد ذلك لكل من فعل فعلهما .

وأصل الصد : المنع ، يقال : صد في نفسه وصد غيره ، وحكي أصد غيره ، والمصدر في نفسه الصدود ، وصد غيره صدا قال الله جل ذكره{[63303]} { يصدو عنك صدودا }{[63304]} فهذا غير متعد{[63305]} والمعنى : والذين صدقوا محمدا وما جاء به وعملوا بطاعة الله واتبعوا كتابه .

{ كفر عنهم سيئاتهم } أي : غطاها وسترها ، فلا يؤاخذهم بها في الآخرة ، فشتان ما بين الفرقين قوم أخذوا بسيئاتهم وأبطلت حسناتهم ، وقوم غفرت سيئاتهم وتقبلت حسناتهم .

وقوله : { وأصلح بالهم } .

قال ابن عباس : بالهم : أمرهم{[63306]} .

وقال مجاهد : شأنهم{[63307]} .

وقال قتادة وابن زيد : حالهم .

والبال كالمصدر ، ولا يعرف منه فعل ، ولا تكاد العرب تجمعه إلا في ضرورة شعر{[63308]} فيقولون{[63309]} : بالات{[63310]} .

وقال المبرد : قد يكون للبال{[63311]} موضع آخر يكون فيه بمعنى القلب{[63312]} .

( وقال النقاش{[63313]} : وأصلح بالهم : نياتهم ){[63314]} ، يقال : ما يخطر هذا على بالي ؛ أي : على قلبي ، والمعنى عند الطبري : وأصلح شأنهم وحالهم في الدنيا عند أوليائه{[63315]} في الآخرة بأن أورثهم نعيم الأبد والخلود{[63316]} في جناته ، والآية نزلت في أهل المدينة{[63317]} ، ثم عامة فيمن كان مثلهم{[63318]} .


[63302]:ع: "يكونا مخصوصتين"، وح: "تكون مخصوصتين".
[63303]:ع: "تعالى".
[63304]:النساء: 60.
[63305]:انظر: مفردات الراغب 275، واللسان 2/415
[63306]:انظر: "العمدة 274" وجامع البيان 26/25، وتفسير القرطبي 16/227، وابن كثر 4/173، و الدر المنثور 7/457.
[63307]:انظر : العمدة 274، وتفسير مجاهد 604، وجامع البيان 26/25، وتفسير القرطبي 16/224، وابن كثير 26/173.
[63308]:ع : "الشعر".
[63309]:ح : "فيقولان" وهو خطأ.
[63310]:انظر: "جامع البيان 26/25، وتفسير القرطبي 16/422، وابن كثير 4/173".
[63311]:ح: "لبال: وهو تحريف".
[63312]:انظر : "العمدة 274" وإعراب النحاس 4/178، وتفسير القرطبي 16/224.
[63313]:محمد بن الحسن بن محمد بن زياد بن هارون: أبو بكر النقاش، عالم بالقرآن وتفسيره؛ أصله من الموصل، ومنشأه ببغداد، وقد اعتمد الداني في التيسير على رواياته للقرآن، أخذ القراءة عرضا عن أبي ربيعة، طاف الأمطار والبلدان، وكتب الحديث، وقيد السنن، وصنف المصنفات في القراءات والتفسير، توفي 351 هـ. انظر: وفيات الأعيان 4/278، وميزان الاعتدال 3/520، وغاية النهاية 2/119ن وتاريخ بغداد 2/201، والأعلام 6/181.
[63314]:ساقط من ع.
[63315]:ح: "أوليائهم".
[63316]:ح : "الخلد".
[63317]:ع: "في أهل المدينة نزلت".
[63318]:انظر : "جامع البيان 26/25".