قوله : { والذين آمَنُواْ } يجوز فيه الوجهان المتقدمان ، وتقدير الفعل : «رَحِمَ الَّذِينَ آمَنُوا » .
قوله : { وَآمَنُواْ بِمَا نُزِّلَ على مُحَمَّدٍ } والعامة على بناء الفعل نزل للمفعول مشدداً ، وزيد بن علي وابنُ مِقْسِم نَزَّلَ مبنيًّا{[51189]} للفاعل وهو اللهُ ، والأعمش أُنْزِل بهمزة التعدية مبنياً للمفعول{[51190]} . وقرئ : نَزَلَ ثلاثياً مبنياً للفاعل{[51191]} . قال سفيان الثوري : لم يخالفوه في شيء . قال بان عباس : «الذين كفروا وصدوا » مشركُو مكَّةَ والذين آمنوا وعملوا الصالحات الأَنْصَارُ .
قوله : { وَهُوَ الحق } جملة معترضة بين المبتدأ والخبر المفسَّر والمفسِّر .
قوله : { كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بَالَهُمْ } حالهم{[51192]} . وتقدم تفسير «البال » في طه{[51193]} . قال ابن عباس ( رضي الله عنه ) : معنى : أصلح ، أي عَصَمَهُمْ أيَّامَ حَيَاتِهِمْ يعني أن هذا الإصلاحَ يعود إلَى صلاح أعمالهم حتَّى لا يَعْصُوا .
قالت المعتزلة : تكفير السيئات مرتّب على الإيمان ، والعمل الصالح ، فمن آمن ولم يعمل صالحاً يبقى في العذاب خالداً .
والجواب : لو كان كما ذكرتم لكان الإضلال مرتباً على الكفر والصّد ، فمن يكفر لا ينبغي أن تضل أعماله . أو نقول : إن الله تعالى رتَّب أمرين فمن آمن كفر سيئاته ، ومن عمل صالحاً أصلح باله . أو نقول : أي مؤمنٍ يتصور غير آت بالصالحات بحيث لا يصدر عنه صلاة ولا صيام ولا صدقة ولا طعام ، وعلى هذا فقوله : «وعَملُوا » من عطف المسببِ على السبب كقول القائل : أَكَلْتُ كَثِيراً وشَبِعْتُ .
فإن قيل : ما الحكمة في قوله : «وآمنوا بما نُزّل على محمد » مع أن قوله : «آمنوا وعلموا الصالحات » أفاد هذا المعنى ؟ .
الأول : قوله : «الذين آمنوا » أي الله ورسوله ، واليوم الآخر ، وقوله : «آمَنُوا بِمَا نزل » أي بجميع الأشياء الواردة في كلام الله ورسوله تعميماً بعد أمور خاصة كقولنا : خلق الله السموات والأرض وكل شيء إما على معنى وكل شيء غير ما ذكرنا ، وإما على العموم بعد ذكر الخصوص .
والثاني : أن يكون المعنى آمنوا من قبل بما نزل على محمد «وهُوَ الحَقُّ » المعجز الفارق بين الكاذب والصادق يعني آمنوا أولاً بالمعجز ، وأيقنوا أن القرآن لا يأتي به غير الله فآمنوا وعلموا الصالحات والواو للجمع المطلق . ( و ) يجوز أن يكون المتأخر ذكراً متقدماً وقوعاً ، وهذا كقول القائل آمن به وكان الإيمان به واجباً ويكون بياناً لإيمانهم ، كأنه قال : آمنوا وآمنوا بما نزل على محمد أي آمنوا وآمنوا بالحق كقول القائل : خرجتُ وخرجت مصيباً أي وكان خروجي جيداً ، حيث نجوت من كذا أو ربحت كذا ، فكذلك لما قال آمنوا بين أن إيمانهم كان بما أمر الله وأنزل الله لا بما كان باطلاً من عند غير الله .
أظهرهما : أنه مبتدأ والخبر الجار بعده{[51194]} .
الثاني : قال الزمخشري : أنه خبر مبتدأ مضمر ، أي الأمر ذلك بسبب كذا{[51195]} . فالجار في محلِّ نصب قال أبو حيان : ولا حاجة إليه{[51196]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.