في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{مِّمَّا خَطِيٓـَٰٔتِهِمۡ أُغۡرِقُواْ فَأُدۡخِلُواْ نَارٗا فَلَمۡ يَجِدُواْ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَارٗا} (25)

وقبل أن يعرض السياق بقية دعاء نوح - عليه السلام - يعرض ما صار إليه الظالمون الخاطئون في الدنيا والآخرة جميعا ! فأمر الآخرة كأمر الدنيا حاضر بالقياس إلى علم الله ، وبالقياس إلى الوقوع الثابت الذي لا تغيير فيه :

( مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا . فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا ) .

فبخطيئاتهم وذنوبهم ومعصياتهم أغرقوا فأدخلوا نارا . والتعقيب بالفاء مقصود هنا ، لأن إدخالهم النار موصول بإغراقهم ؛ والفاصل الزمني القصير كأنه غير موجود ، لأنه في موازين الله لا يحسب شيئا . فالترتيب مع التعقيب كائن بين إغراقهم في الأرض وإدخالهم النار يوم القيامة . وقد يكون هو عذاب القبر في الفترة القصيرة بين الدنيا والآخرة . . ( فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا ) . .

لا بنون ولا مال ولا سلطان ولا أولياء من الآلهة المدعاة !

وفي آيتين اثنتين قصيرتين ينتهي أمر هؤلاء العصاة العتاة ، ويطوي ذكرهم من الحياة ! وذلك قبل أن يذكر السياق دعاء نوح عليهم بالهلاك والفناء . . ولا يفصل هنا قصة غرقهم ، ولا قصة الطوفان الذي أغرقهم . لأن الظل المراد إبقاؤه في هذا الموقف هو ظل الإجهاز السريع ، حتى ليعبر المسافة بين الإغراق والإحراق في حرف الفاء ! على طريقة القرآن في إيقاعاته التعبيرية والتصويرية المبدعة . فنقف نحن في ظلال السياق لا نتعداها إلى تفصيل قصة الإغراق . . ولا الإحراق . . !

 
تيسير التفسير لإبراهيم القطان - إبراهيم القطان [إخفاء]  
{مِّمَّا خَطِيٓـَٰٔتِهِمۡ أُغۡرِقُواْ فَأُدۡخِلُواْ نَارٗا فَلَمۡ يَجِدُواْ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَارٗا} (25)

مما خطيئاتِهم أغرقوا : من أجل ذنوبهم أغرقوا بالطوفان .

وبسببِ ذُنوبهم أغرقَهم الله بالطوفان ، وأُدخِلوا بعدَ ذلك ناراً عظيمة . وذلك يومَ القيامة ، ولم يجِدوا لهم أنصاراً يَحْمُونَهم من عذابِ الله .

قراءات :

قرأ أبو عمرو : مما خطاياهم ، والباقون : مما خطيئاتهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مِّمَّا خَطِيٓـَٰٔتِهِمۡ أُغۡرِقُواْ فَأُدۡخِلُواْ نَارٗا فَلَمۡ يَجِدُواْ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَارٗا} (25)

{ مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا } في اليم الذي أحاط بهم { فَأُدْخِلُوا نَارًا } فذهبت أجسادهم في الغرق وأرواحهم للنار والحرق ، وهذا كله بسبب خطيئاتهم ، التي أتاهم نبيهم نوح ينذرهم عنها ، ويخبرهم بشؤمها ومغبتها ، فرفضوا ما قال ، حتى حل بهم النكال ، { فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصَارًا } ينصرونهم حين نزل بهم الأمر الأمر ، ولا أحد يقدر يعارض القضاء والقدر .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{مِّمَّا خَطِيٓـَٰٔتِهِمۡ أُغۡرِقُواْ فَأُدۡخِلُواْ نَارٗا فَلَمۡ يَجِدُواْ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَارٗا} (25)

{ مما خطيئاتهم } { ما } صلة أي من خطيئاتهم التي ارتكبوها { أغرقوا } بالطوفان { فأدخلوا نارا } بعد الغرق أي أدخلوا جهنم { فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا } لم يجدوا من يمنعهم من عذاب الله

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{مِّمَّا خَطِيٓـَٰٔتِهِمۡ أُغۡرِقُواْ فَأُدۡخِلُواْ نَارٗا فَلَمۡ يَجِدُواْ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَارٗا} (25)

قوله تعالى : " مما خطيئاتهم{[15404]} أغرقوا " " ما " صلة مؤكدة ، والمعنى من خطاياهم وقال الفراء : المعنى من أجل خطاياهم ، فأدت " ما " هذا المعنى . قال : و " ما " تدل على المجازاة . وقراءة أبي عمرو " خطاياهم " على جمع التكسير ، الواحدة خطية . وكان الأصل في الجمع خطائي على فعائل ، فلما اجتمعت الهمزتان قلبت الثانية ياء ؛ لأن قبلها كسرة ثم استثقلت والجمع ثقيل ، وهو معتل مع ذلك ، فقلبت الياء ألفا ثم قلبت الهمزة الأولى ياء لخفائها بين الألفين . الباقون " خطيئاتهم " على جمع السلامة . قال أبو عمرو : قوم كفروا ألف سنة فلم يكن لهم إلا خطيات ، يريد أن الخطايا أكثر من الخطيات . وقال قوم : خطايا وخطيات واحد ، جمعان مستعملان في الكثرة والقلة ، واستدلوا بقوله تعالى : " ما نفدت كلمات الله{[15405]} " [ لقمان : 27 ] وقال الشاعر{[15406]} :

لنا الجفَنَات الغُرُّ يلمعن بالضحى *** وأسيافُنا يقطرن من نَجْدَةٍ دَمَا

وقرئ " خطيئاتهم{[15407]} " و " خطياتهم " بقلب الهمزة ياء وإدغامها . وعن الجحدري وعمرو بن عبيد والأعمش وأبي حيوة وأشهب العقيلي " خطيئتهم " على التوحيد ، والمراد الشرك . " فأدخلوا نارا " أي بعد إغراقهم . قال القشيري : وهذا يدل على عذاب القبر . ومنكروه يقولون : صاروا مستحقين دخول النار ، أو عرض عليهم أماكنهم من النار ؛ كما قال تعالى : " النار يعرضون عليها غدوا وعشيا{[15408]} " [ غافر : 46 ] . وقيل : أشاروا إلى ما في الخبر من قوله : ( البحر نار في نار ) . وروى أبو روق عن الضحاك في قوله تعالى : " أغرقوا فأدخلوا نارا " قال : يعني عذبوا بالنار في الدنيا مع الغرق في الدنيا في حالة واحدة ، كانوا يغرقون في جانب ويحترقون في الماء من جانب . ذكره الثعلبي قال : أنشدنا أبو القاسم الحبيبي قال أنشدنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن رميح قال : أنشدني أبو بكر بن الأنباري :

الخلق مجتمعٌ طوراً ومفترق *** والحادثاتُ فنونُ ذاتُ أطوارِ

لا تعجبنَّ لأضدادٍ إن اجتمعت *** فالله يجمع بين الماءِ والنارِ

" فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا " أي من يدفع عنهم العذاب .


[15404]:هكذا في نسخ الأصل، وهي قراءة.
[15405]:راجع جـ 14 ص 77.
[15406]:هو حسان بن ثابت.
[15407]:في أ، ح: "خطاياهم".
[15408]:راجع جـ 15 ص 319.
 
تفسير الجلالين للمحلي والسيوطي - تفسير الجلالين [إخفاء]  
{مِّمَّا خَطِيٓـَٰٔتِهِمۡ أُغۡرِقُواْ فَأُدۡخِلُواْ نَارٗا فَلَمۡ يَجِدُواْ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَارٗا} (25)

{ مما خطيئاتهم أغرقوا فأدخلوا نارا فلم يجدوا لهم من دون الله أنصارا }

{ مما } ما صلة { خطاياهم } وفي قراءة خطيئآتهم بالهمز { أُغرقوا } بالطوفان { فأُدْخِلوا ناراً } عوقبوا بها عقب الإغراق تحت الماء { فلم يجدوا لهم من دون } أي غير { الله أنصاراً } يمنعون عنهم العذاب .