التفسير الوسيط للقرآن الكريم لسيد طنطاوي - سيد طنطاوي  
{مِّمَّا خَطِيٓـَٰٔتِهِمۡ أُغۡرِقُواْ فَأُدۡخِلُواْ نَارٗا فَلَمۡ يَجِدُواْ لَهُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ أَنصَارٗا} (25)

وقوله - سبحانه - : { مِّمَّا خطيائاتهم أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مِّن دُونِ الله أَنصَاراً } كلام معترض بين ضراعات نوح إلى ربه ، والمقصود به التعجيل ببيان سوء عاقبتهم ، والتسلية للرسول صلى الله عليه وسلم عما أصابه من قومه .

و " من " فى قوله { مِّمَّا خطيائاتهم } للتعليل ، و " ما " مزيدة لتأكيد هذا التعليل .

والخطيئات جمع خطيئة ، والمراد بها هنا : الإِشراك به - تعالى - وتكذيب نوح - عليه السلام - والسخرية منه ومن المؤمنين .

أى : بسبب خطيئاتهم الشنيعة ، وليس بسبب آخر { أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً } يصلون سعيرها فى قبورهم إلى يوم الدين ، ولعذاب الآخرة أشد وأبقى .

وهم عندما نزل بهم الطوفان الذى أهلكهم ، وعندما ينزل بهم عذاب الله فى الآخرة . لن يجدوا أحدا ينصرهم ويدفع عنهم عذابه - تعالى - لامن الأصنام التى تواصوا فيما بينهم بالعكوف على عبادتها ، ولا من غير هذه الأصنام .

فالآية الكريمة تعريض بمشركى قريش ، الذين يزعمون أن أصنامهم ستشفع لهم يوم القيامة ، والذين حكى القرآن عنهم قولهم : { مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى الله زلفى } والتعبير بالفاء فى قوله : { أُغْرِقُواْ فَأُدْخِلُواْ نَاراً فَلَمْ يَجِدُواْ لَهُمْ مِّن دُونِ الله أَنصَاراً } للإشعار بأن دخولهم النار كان فى أعقاب غرقهم بدون مهلة ، وبأن صراخهم وعويلهم كان بعد نزول العذاب بهم مباشرة ، إلا أنهم لم يجدوا أحدا ، يدفع عنهم شيئا من هذا العذاب الأليم .